السؤال
السلام عليكم.
أنا في بلاء شديد، حين يشتد بي أعمل السيئات، والله سبحانه يعطيني النعم التي أريدها، وأرجع فأعبد الله، ثم يشتد بي البلاء فأعمل المعاصي.
استمررت على عمل المعاصي بسبب أن البلاء استمر معي كثيرا! هل هذا استدراج من الله، أم ماذا؟ حيث أني أول ما عصيته أعطاني ما تمنيت، ورجعت للتوبة، فهل هذا استدراج؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك في موقعك "إسلام ويب"، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.
وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه: اعلم حفظك الله ورعاك أن ما أنت فيه درجة من درجات هوانك على الله عز وجل، فقد ذكر أهل العلم أن المعصية سبب لهوان العبد على ربه، وسقوطه من عينه.
قال الحسن البصري: هانوا عليه فعصوه، ولو عزوا عليه لعصمهم، وإذا هان العبد على الله لم يكرمه أحد، كما قال الله تعالى: (ومن يهن الله فما له من مكرم) وإن عظمهم الناس في الظاهر لحاجتهم إليهم، أو خوفا من شرهم، فهم في قلوبهم أحقر شيء وأهونه.
قال الحسن البصري أيضا: كم مستدرج بالإحسان إليه؟ وكم مفتون بالثناء عليه؟ وكم مغرور بالستر عليه؟ قال الله عز وجل: (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون)، قال أحد السلف: أي كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وأنسيناهم الاستغفار، وقال ابن عباس: سنمكر بهم. وقيل: هو أن نأخذهم قليلا ولا نباغتهم.
ورد في الأثر أن رجلا من بني إسرائيل قال يا رب كم أعصيك وأنت لا تعاقبني - قال - فأوحى الله إلى نبي زمانهم أن قل له: كم من عقوبة لي عليك وأنت لا تشعر، إن جمود عينيك، وقساوة قلبك؛ استدراج مني وعقوبة لو عقلت.
عن عقبة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد من الدنيا ما يحب وهو مقيم على معاصيه فإنما ذلك منه استدراج)،{فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون}.
الله الله في التوبة والأوبة -أخي محمد- عد إلى ربك، وانطرح بين يديه، ولا تنظر إلى عظم المعصية، ولكن انظر إلى عظم من عصيته، فبادر أخي إلى الاستعانة بعد الله بأهل العلم، وأصدقاء الصلاح، واستعن بالله ولا تعجز، واعلم أن العبد إذا أقبل على الله أقبل الله عليه.
نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يسعدك في الدراين، والله الموفق.