السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي أني شخص لم أوفق بحياتي قط، لا في عملي ولا في دراستي، ولا حتى في أصدقائي وعائلتي، باختصار شديد أنا إنسان مبتلى من كل اتجاه، ولا أعلم من أين تأتي علي المصائب من كل حدب وصوب، ففي العمل يتم نقلي كثيرا كعقوبة لا أعلم لماذا؟ مع العلم أني موظف مثابر وملتزم، واشتريت سيارة حديثة ومكلفة، وعملت حادث بها بنفس الشهر وكدت أن أموت.
أما على صعيد الأصدقاء؛ فلم يبق لدي أي صديق، وعلى صعيد الزواج؛ لم أترك فتاة إلا وفاتحتها بالزواج، ولم أجد واحدة قالت نعم -أظن بل أكاد أجزم أن الله يعذبني بالحياة- أنا تارك للصلاة ولا أستمر عليها، فتارة أصلي وتارة أترك.
الآن عمري 30 سنة ولم أتزوج، علما أن شكلي جميل باعتراف الكثير، وحتى من حولي يستغربون لماذا كل هذه الأمور تحدث لي، فعلى سبيل المثال إذا غاب عن العمل 10 أشخاص لا يتم تغيبهم، فقط أنا من يتم تغييبه.
باختصار أنا لم أجد شخصا مبتلى بالكون كابتلائي، ولا أعلم ما السبب؟ وإذا كان ترك الصلاة هو السبب؛ فهناك آلاف الناس تاركين للصلاة، بل هناك من أصدقائي من هم تاركون للصلاة ولكن الله أعاطهم مالم يعطي بشرا من قبل من أرزاق ووظائف وزوجات وحياة مرفهة.
ساعدوني أرجوكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يفرج الكرب، وأن ينفس ما تعسر على البشر تنفيسه، وأن ييسر بقدرته ما كان عسيرا على خلقه، وأن يلهمك طريق الصواب، وأن يرشدك إلى الحق، وأن يأخذ بناصيتك إليه.
وأما بخصوص ما تفضلت به؛ فإنا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: تحدثت عن البلاء –أخي- وقلت في ذات نفسك لم أجد أحدا في الكون مبتلى مثلي! وقد تعجبت وأنا أسمع منك هذا الكلام! وسبب تعجبي أني كنت قبل قليل أجيب على رسالة فتاة في الـ 17 من عمرها، أصيبت بالسرطان وأمراض أخرى في الكلى والكبد، وتحتاج إلى نقل دم كل أسبوع، ومن جراء نقل الدم أصابتها أمراض شديدة، المشكلة أنها من أسرة فقيرة، ولا يستطيعون جلب الدواء إلا بالدين، ومع كل هذا هي صابرة ومحتسبة، وتصلي وتفعل الخير، وكان سؤالها -أخي محمد- عجيب حيث تقول: أنا صابرة يا شيخ ومحتسبة، وأعلم أن هذا هو الخير لي، وكلما رأيت حالات أشد مني أحمد الله أن الله عافاني مما ابتلاهم به، لكن كلما رأيت أمي تبكي علي أحزن، فهل هذا الحزن هو من أسباب اعتراضي على القضاء والقدر؟ وهل هذا ينقص أجري؟ هذه -أخي محمد- فتاة في مقتبل عمرها، وهي ترى أنها ليست الأشد وليست الأقسى، بينما أنت -أخي الحبيب- أنعم الله عليك بنعم ظاهرة وباطنة، فأنت إنسان ومتعلم وموظف، وغيرك كثير جدا وصل إلى أعلى درجات التعليم، ومع ذلك لم يوظف، وأنت إنسان تذكر أنك اشتريت سيارة جديدة وغيرك يعيش ويموت ولا يركب سيارة جديدة، وقد نجاك الله عز وجل مع خشونة الحادث -نسأل الله السلامة لك- وغيرك كثير مات في حوادث أقل من ذلك، الشاهد –أخي- أن هناك نعما ظاهرة وباطنة عليك، ولكنك لا تنظر إلى حياتك بصورة مجملة، بل تنظر إليها من منظور البلاء، وهذا خلل في الرؤية.
ثانيا: قد ذكرت -أخي الفاضل- أنك متكاسل في أداء الصلاة، وتسأل هل لما يحدث معك علاقة بترك الصلاة؟ ولماذا لا يحدث هذا لغيري؟ والجواب أخي بسيط: فعلاقة ما يحدث لك بتركك للصلاة أمر مقطوع به. قال تعالى: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم). وسؤالك أن غيرك لا يصلي ولا يحدث له ما يحدث لك، وهذا قد يكون خيرا لك أخي الحبيب، فإن العبد إذا قصر في حق الله وابتعد عن طاعته؛ فإن كان الله يحبه ابتلاه حتى يعود إليه ويراجع نفسه، وإن كان عند الله هينا وكله إلى نفسه، فهذه دلالة محبة الله لك، فالله الله في الصلاة، والله الله في دينك وطاعتك لله، احرص على طاعة الله ورضاه، وستجد الخير إن شاء الله.
نسأل الله أن يحفظك، وأن يقدر لك الخير، والله المستعان.