السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشايخ هذا الموقع المبارك الفضلاء، أريد منكم بعضا من الأسئلة أوجهها لوالدي في السيارة عندما يأخذني إلى منزله نهاية الأسبوع بدلا من سكوتنا طول الطريق، فما هي الأسئلة المحببة للأب من ابنته؟ وما اقتراحكم لي بالأسئلة التي أناقشه فيها؟ وهل أناقشه عن إهماله لي في طفولتي وحتى كبرت؟
وفقكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وجدان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك (إسلام ويب)، ونسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
نود ابتداء أن نمدح فيك الإيجابية التي لمسناها في جل رسالتك، والتي قادتك إلى التفكير في كسر حدة الصمت طيلة الطريق في الأمور المحببة إلى الوالد للنقاش فيها، وهذا يدل على توفيق في التفكير يقود إن شاء الله إلى سلامة في النتائج.
أختنا الكريمة: دعينا نؤكد على حقيقة لا تقبل القسمة ولا المساومة، وهي أن الوالد يحبك، وأنك لن تجدي في الحياة من يسدي لك النصح خاليا من أي أغراض أو منافع إلا والديك، تلك -يا أختي- فطرة الله التي أودعها في قلوب الآباء.
لكن هذا لا يعني أن الوالد لا يخطئ أو لا يعتريه النقص، لا -أختنا- لكن ثمة فارق بين المحبة الكامنة الصادقة في قلوب الآباء وبين الأخطاء التي تقع من الجميع، فالأخطاء لا تلغي المحبة ولا تنقص العاطفة.
نعود الآن لسؤالك حول الأسئلة المحببة إلى الوالد؟
بالطبع كنا نود معرفة بعض صفات الوالد، وتدينه من عدمه، والمواضيع التي تشغله، واهتماماته، وحبه للحديث أو شغفه بالصمت، فهناك بعض الناس جبل على حب الكلام والتحليل، والبعض الآخر جبل على الصمت والتأمل، هذه المعلومات بلا شك كانت ستسهل علينا الإجابة.
ولكن بصفة عامة ننصحك بما يلي:
1- الأسئلة العامة المفتوحة التي يحب الحديث عنها والتي لها بعد شخصي محبب في حياته، مثلا
إذا كان بارا بوالديه، فابدئي الحديث بقولك: "كم كنت أتمنى أن أكون مثلك يا أبي في برك بوالديك، فكثيرا ما أسمع عن ودك لهم وبرك بهم، وكنت أسأل نفسي منذ متى بدأ هذا البر معك، هل من الطفولة أم من الجامعة؟
هذا سؤال عام ومحبب إلى الوالد الحديث فيه، فلن يجد مللا أو تحضيرا أو حذرا عند الحديث.
على أن تراعي عند الحديث التجاوب معه التجاوب الوجداني، وكذلك اللفظي.
2- إذا كان متميزا في فن من فنون العلوم (شرعية كانت أو علمية تجريبية) فابدئي بسؤال عام، يحسن الجواب عليه، ويكون مفتوحا حتى يتسنى لك الإطالة.
وهكذا كما وجدث سؤالا يتضمن:
1- معرفة الوالد به والإحاطة التامة.
2- ما يمدح به الوالد.
3- السؤال مفتوح وإجابته واسعة.
فابدئي مباشرة.
واحذري أن تحدثيه حين لا يحب الحديث، أو أن تدفعيه للكلام وهو لا يريد، بل إذا وجدتيه غاضبا أو مهموما، توقفي عن الأسئلة وانتقلي إلى مشاركته الهم والحزن، لابد أن تشعريه بمشاركتك له فيما كدر خاطره، وأمنيتك أن تسعديه وأن تخففي عنه هذا الألم.
مثلا إذا كان مهموما قولي له: أعلم جيدا كم تتعب من أجلنا يا والدي، وأدرك أنك تتألم وتجتهد ألا نعلم عن تعبك شيئا، لكني أود أن أساعدك أو أخفف عنك ولا أدري ماذا أفعل؟
أما الحديث عن الإهمال في الطفولة؛ فلا ننصحك بالحديث معه فيه؛ لأنه انتقاص منه واتهام إليه، وهذا يدفعه إلى اتخاذ موقف الدفاع عن نفسه أو تبرير ما حدث أو اتهامك أنت بالمبالغة، والنتيجة نفور من الحديث أو استثقال له، وهذا ما لا نريده.
- من الجميل أن تعمقي التواصل غير المباشر معه طيلة الأسبوع، عن طريق الرسائل النصية المكتوبة، وجميل أن تظهري له في رسالتك محبتك له، وشوقك إليه.
وفي الختام: نوصيك بوالدك خيرا، فلن تجدى في الحياة أعطف عليك منه، ولا أشد حبا لك منه، ولا أرعى لمصالحك سواه، نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك. والله الموفق.