السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أدرس في دولة أوروبية، وحاليا سأنهي سنتي الأولى، والمدينة التي أعيش فيها لا يوجد فيها طعام حلال، ويوجد فقط مسجد واحد بعيد عن مكان إقامتي، حيث أسكن في السكن الجامعي، وأعاني من عدم المقدرة على تأدية صلاتي عندما أكون في الجامعة، حيث لا يمكنني الصلاة هناك أو الذهاب إلى المسجد، وفي غرفتي أعاني من المضايقات بشأن ذلك أيضا، وتم استدعائي إلى الشرطة والتحقيق معي بشأن ديني وتهديدي بعدم إعطائي الإقامة إلا إذا تعاونت معهم، والفتن كثيرة جدا في المدينة.
هل أترك الدولة ودراستي وأعود إلى دولتي؟ علما أني لم أخبر والدي بهذا كي لا يقلق، وأيضا يوجد مشاكل إذا عدت، لا أستطيع إكمال دراستي في دولتي أيضا بسبب الخدمة العسكرية، أنا هنا بين مشكلتين دراستي وديني.
أرجو النصيحة، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
- الصلاة عمود الدين، وهي الفارق بين الرجل والكفر أو الشرك، كما قال عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل والشرك أو الكفر ترك الصلاة)، ودين الإسلام قد انتشر انتشار النار في الهشيم، ولا يمكن لأحد أن يجهله أو يتجاهله، ويجب على المؤمن أن يكون معتزا بدينه قويا في إيمانه، فها أنت تريد أن تترك الدراسة وترجع إلى بلدك، كل ذلك خوفا من المشركين، وإن كان ولا بد أن يكون، فليكن ذلك منهم، وبسبب أنك أقمت دينك.
- لا أقول لك قم وصل في قاعة المحاضرات، أو في الساحات العامة، فهنالك من هؤلاء البشر من يفعل القبائح أمام أنظار الناس، ولا تجد من ينكر عليه، ولو أن شخصا قام بأداء بعض طقوسه المسيحية أو البوذية مثلا، لما أنكر أحد عليه بحجة الحرية، أفتمنع الحرية عن المسلم ويسمح بها لغيره؟!
- بسبب قوة الإيمان والاعتزاز بالدين يقذف الله في قلوب المشركين الرعب ويجعلهم هم الضعفاء، فما الذي يمنعك أن تقول لهم أنا مسلم أمارس بعض حرياتي الشخصية، ولا أمس أحدا بأي أذى، كما يمكنك أن تصلي الظهر في آخر وقتها وتصلي العصر في أول وقتها والمغرب في آخر وقتها والعشاء في أول وقتها، كما يمكنك أن تصلي كل صلاة في أول وقتها، أو في وسطه أو في آخره، وسواء صليت في الحديقة التابعة للجامعة، أو في غرفة من غرفها، أو عدت إلى غرفتك، فصليت فيها.
- عليك أن تقيم صلاتك بأي شكل من الأشكال ولو أدى ذلك إلى أن يسفروك من بلدهم، وعليك أن تدافع عن نفسك وتدافع عن حقوقك عبر كل الوسائل المتاحة، ولو أن تذهب إلى أحد المحامين والحقوقيين لرفع قضية ضدهم، فاليوم في كل بلد من بلاد العالم يوجد مسلمون ولهم مساجدهم ويقيمون شعائر دينهم، ولتكن أنت منهم، والحقوق قد تنتزع أحيانا انتزاعا ولا توهب هبة.
- طوبى للغرباء الذين يقيمون دينهم مع وجود الأذى كما في الحديث: (بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء)، وفي رواية قيل من هم يا رسول الله؟ قال: (الذين يصلحون إذا فسد الناس أو الذين يصلحون ما أفسد الناس).
- سيجعل الله لك فرجا ومخرجا إن أقمت دينك ولم ترضخ لتلك الضغوطات، قال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب).
- دينك أهم من كل شيء في هذا الكون، وهو أول الضروريات أو الكليات الخمس التي جاءت الشريعة للحفاظ عليها.
- يجب عليك أن تذهب لأداء صلاة الجمعة مع المسلمين في المسجد دون أي تلكؤ، ولا بأس من أداء بقية الصلوات في غير الجماعة، وصل في غرفتك مهما كانت المضايقات ولا تبال بها، فقد كان نبينا -عليه الصلاة والسلام- يتعرض لمثل هذه المضايقات بل أكثر، لقد ألقي على ظهره الشريف سلا الجزور، وبقي ساجدا حتى رفعته ابنته فاطمة -رضي الله عنها-.
- بالنسبة للطعام في كل بلاد العالم الحلال والحرام، فهنالك اللحوم والبقوليات والسمك والأرز والبيض والخضروات والفواكه، وبالنسبة لذبائح أهل الكتاب، فقد أباحها الله للمسلم، وبين بعض العلماء أنه بأي طريقة ذبحوها فلنا أن نأكلها.
- اجتهد في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، وتحر الحلال في مطعمك، وأكثر من صيام النوافل وغض بصرك ما استطعت.
كن على يقين أنك إن وقفت شامخا في دينك، فسوف ينصرك الله عليهم، ويهيأ لك من يدافع عنك (إن الله يدافع عن الذين آمنوا ۗ إن الله لا يحب كل خوان كفور).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.