السؤال
أود أن أطرح مشكلتي ومعاناتي، وهي أنني أعاني من مشاكل كثيرة منذ فترة ليست بالقصيرة، وها أنا أكتب عن مشكلة واحدة فقط، وهي أنني كنت -ولله الحمد- محافظا على الصلوات في المسجد، وكنت آتي مبكرا، وأخشع مع الإمام كثيرا، وفجأة بدأت أنقص شيئا فشيئا، وصرت أنام عن الصلوات، وكثير الفعل للمعاصي.
إنها مصيبة حتى إذا سجدت أتضايق وكأني أسجد لغير الله -والعياذ بالله-، ولقد فكرت في ترك الصلاة -والعياذ بالله-، وأخاف أن أكون أشركت بالله، وقد أصبت ببعض الأعراض وإن كانت ليست دائمة، ومنها: الأرق، والقلق، والكوابيس، والأحلام المفزعة، والصدود عن ذكر الله، والخمول، والكسل ... إلخ.
لا تنسوني من دعائكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ب ب ب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
فإن للمعصية ضيقا في الصدر وظلمة في الوجه وتقتيرا في الرزق وبغضا في قلوب الخلق، قال تعالى: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير)[الشورى:30]، فسارع بالتوبة إلى الله فإنه سبحانه (يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات)[الشورى:25]، وقد سمى نفسه رحيما ليرحمنا وتوابا ليتوب علينا، وهو سبحانه يفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه، وإذا صدق المسلم في توبته وأخلص في أوبته فأولئك الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات، فلا تحرم نفسك من الرجوع إلى الله، لتجد تلك الحلاوة وذلك الخشوع الذي سعدت به في أزمنة سابقة.
ولا شك أن العلاقة وثيقة بين فعل المعاصي والكسل في الطاعات، والسيئة تجر إلى أختها، ومن هنا كان خوف السلف من الذنوب عظيما، لأنهم ما كانوا ينظرون إلى صغر المعاصي ولكنهم كانوا يفكرون في عظمة من يعصونه سبحانه، وأرجو عدم ترك الصلاة في كل الأحوال فإنها دواء وعلاج فلا يصلح أن نقول للمريض اترك الدواء ثم ننتظر له الشفاء، واجتهد في مجالسة الأخيار وابتعد عن بيئة المعاصي، وتخلص من وسائل الشر التي تحت يدك، وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وتذكر أن هذا العدو يريد أن يكثر أصحابه من أهل الجحيم، واحرص على المواظبة على أذكار الصباح والمساء، وتجنب الوحدة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد.
وأكثر من السجود لله فإن ذلك يغيظ الشيطان الذي أمر بالسجود فلم يسجد فكان جزاؤه النار، وإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، واعلم أن هذه الأفكار والوساوس من الشيطان فاحمد الله الذي رد كيده إلى الوسوسة، وإذا جاءتك خواطر سيئة فتعوذ بالله من الشيطان وقل آمنت بالله.
واجتهد في أن تكون صلاتك مع الجماعة، وامكث في المسجد قبل الصلاة وبعدها، وأشغل نفسك بالمفيد فإن الإنسان إذا لم يشغل نفسه بالخير شغلته بالباطل، ولا تأت للفراش إلا إذا شعرت بالحاجة إلى النوم، وكن على طهارة، وواظب على أذكار النوم، واعقد نية القيام لله، وعند إحساسك بالغم (وهو حزن لا يعرف الإنسان له سببا)، فعليك أن تردد في يقين: ((لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين))[الأنبياء:87]، فإني وجدت الله في عقبها يقول: ((فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين))[الأنبياء:88].
وإذا شعرت بضيق في صدرك فتذكر قول الله: ((ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون))[الحجر:97] ما هو العلاج؟ ((فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين))[الحجر:98-99]، وإذا صعب عليك النوم فالجأ إلى الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم واسأله أن يهدئ ليلك وينيم لك عينك، واعلم أن الشيطان لا يقترب من عبد يذكر الله ويتقيه: ((إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون))[النحل:99].
والله ولي التوفيق والسداد.