السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا -الحمد لله- شاب مسلم، قصتي هي أنني أحس بضعف في نفسي، تمر علي فترات أصلي فيها وبحماسة والنوافل، وكل يوم جزء من القرآن، والتسابيح اليومية في الصباح والمساء، وذكر الله على الدوام، وتمر علي فترات أخرى أقوم إلى الصلاة متكاسلا، وأحيانا إذا فاتتني صلاة وأنا خارج المنزل أتكاسل عن قضائها عند العودة.
أعاني أيضا من مشكلة عشق النساء، لم ألمس امرأة في حياتي -والحمد لله- مع أني أعيش في بلد أوروبي، ولكن فتنة النساء هنا مغرية بشكل لا يوصف.
تقدمت لوظيفة، وعاهدت رب العالمين أن أترك سماع الأغاني ومشاهدة الأفلام والمحرمات والمعاصي إذا تم قبولي بهذه الوظيفة، و-الحمد لله- تم قبولي، ولكن أواجه صعوبة كبيرة في الالتزام، هل أكون منافقا إذا كنت أفعل ما قلته سابقا؟ والله إني لست راضيا أبدأ عن نفسي.
أفيدوني، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا -بك أخي الكريم- في موقعنا، ونسأل الله أن يمن عليك بالسداد والتوفيق في حياتك، والجواب على ما ذكرت:
- بداية أحيي فيك حرصك على التمسك بدينك، وكونك تشعر بالحسرة والندم على التقصير في طاعة الله، فهذه علامة على أنك على خير، وستكون في أحسن حال -بإذن الله تعالى-.
- كلنا ذو ضعف، ولكن إذا أكثرنا من ذكر الله والدعاء والاستغفار، والتضرع إلى الله أن يثبتنا على طاعته، فإن ذلك الضعف يزول شيئا فشيئا، فأبشر بالخير.
- لا شك أن ما تمر به من النشاط في الطاعة، ثم يطرأ عليك شيء من الفتور، فهذا أمر طبيعي ونمر به كلنا، فعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد أفلح، ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك "رواه أحمد، فمن الحديث عليك أن تحرص في حال الفتور أن لا ينزل مستوى الطاعة عندك إلى التقصير في أداء الواجبات وترك المحرمات، وإذا حصل تقصير في ذلك، فسارع إلى التوبة، وجاهد نفسك في العودة إلى ما كنت عليه من النشاط في الطاعة.
- مسألة التكاسل في الصلاة لا شك أن هذا منكر عظيم، وعليك أن تعرف ما هي الأسباب التي تجعلك تتكاسل في الصلاة، ولعل من تلك الأسباب الجهل بأهمية الصلاة وأثرها في حياتك، وضعف الإيمان، والذي يحتاج إلى تقويته بكثرة الذكر، وأيضا البيئة التي تعيش معها لعلها لا تعينك على الصلاة، وتحتاج إلى أن يكون فيها من يذكر بعضكم بعضا، ومما أنصحك به أن تتوب إلى الله من تقصيرك في الصلاة، وأن تقضي منها ما أمكن مما فاتت عليك منها، وأن تكثر من الدعاء أن يثبتك الله على دينه وعلى طاعته.
- أما مسألة عشق النساء، فهذا لأنك شاب وتعيش في مجتمع في تبرج في النساء، والذي أوصيك به، أن تتقي الله في السر والعلن، والعمل على طاعته وترك معصيته، واستشعار مراقبة الله تعالى لك وسعة علمه وإطلاعه عليك، وعليك بكثرة ذكر الله وكثرة الاستغفار؛ لأنه يعينك في دفع الخواطرالسيئة، وترك التفكير فيها، وحتى يعطيك الله قوة يعصمك بها من الفتن، وعليك أن تدعو الله بأن يصرف الله عنك السوء والفحشاء، فمن أكثر من هذا الدعاء رزقه الله العفة، وعليك المسارعة إلى الزواج وعدم التأخير فيه بأوهام وتخوفات لا حقيقة لها، وإن لم تقدر فعليك بالصوم؛ لأنه يحد من تغول الشهوة، كما أوصى بذلك نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، كما أن عليك سد كل الذرائع التي تؤدي إلى الفساد، بترك الخلوة بامرأة أجنبية، وبغض البصر عما حرم الله، واجتهد في أن تسافر من هذا البلد الذي أنت فيه إلى بلد تأمن فيه على نفسك من فتنة النساء.
- من عاهد الله على ترك ما حرم يجب عليه أن يوفي بيمينه، وأن يلتزم بما عاهد عليه الله، وإن أخل بعهده متعمدا، فلا شك أن هذه من صفات المنافقين، ولهذا أنصحك أن تكفر عن هذا العهد بكفارة يمين، ثم اجتهد في طاعة الله، والزم أسباب الثبات على دين الله من تقوية الإيمان بطاعة الله، ومجالسة الصالحين، وقراءة سير الأنبياء والصالحين.
- أخيرا مسألة الرضا عن نفسك، إن كنت لا ترضى عنها لأنك تطمح أن تكون متدينا صالحا أحسن مما أنت عليه، وتسعى في إصلاحها، فهذا أمر محمود، وأما إذا كنت لا ترضى عنها لأن فيك قلقا وحزنا شديدا، فهذا ينبغي أن تحذر منه، فأنت فيك جوانب خير كثيرة، وتحتاج إلى مزيد من الاجتهاد في طاعة الله.
وفقك الله لمرضاته.