السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا امرأة متزوجة منذ ٨ شهور، ومشكلتي بدأ تظهر من بعد زواجي بشهرين.
أولا أنا امرأة متدينة جدا، ولا يهمني في الزواج إلا أن يكون زوجي على توافق معي في المستوى الديني والخلقي، وعندما تقدم لي شاب أتى من طرف صديقات الوالدة، سألتها عن ذلك الشاب ما مدى تدينه؟ فأظهرت أنه يقوم بالواجب ويحافظ على السنن وبعيد عن المحرمات.
استخرت الله وقبلت به، ولكني اكتشفت أنه يسمع الأغاني وينظر للمسلسلات، ويلعب البلايستيشن، وكلامه أغلبه بذيء فاحش، وعندما بدأت بنصحه بكل رفق ولين أصبح يضجر ويغضب.
في الحقيقة هو يعلم أني امرأة لا تريد ذلك وأني متدينة، فيفعلها من ورائي وإذا علم أني علمت يقول تغافلي تغافلي، ولا يتحدث معي، لأن أحاديثي لا تعجبه وليست من ميوله، وآتيه بكل لين ورفق، والله يعلم أني لم أرفع صوتي، ولا نازعته في شيء، بل كنت المرأة التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر، ولا أشتكي من شيء مطلقا.
هو محافظ على الصلوات الفرائض فقط، وأنا لا أريد الفرائض فقط بل أريد أن يكون زوجي محافظا على الواجبات والسنن الرواتب، ويصوم النهار ويقوم الليل، ويقرأ الكتب.
أصبحت أنظر لنفسي وأقارنها بغيري ممن رزقوا بأزواج صالحين متوافقين ومنسجمين في الدين، وأدعو الله أن يزيدهم ويرزقني.
أبكي على حالي، حتى تدهورت صحتي؛ لأني أصمت ولا أتكلم مخافة أن يعلم زوجي، وأصبت بالتهاب القولون العصبي، وأنا أتحمل كل شيء إلا أن يمس الإنسان شيئا في دينه.
للعلم هو لم يكن يريد امرأة متدينة لكن والدته أصرت على ذلك، وحسبي الله ونعم الوكيل، فقد كنت الضحية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك مع موقعنا، ونسأل الله تعالى أن يسعدك في دنياك وفي آخرتك، وأن يبارك لك في زوجك، ويصلحه.
قد لمسنا – أيتها الكريمة – من كلامك أنك مبالغة في الصفات التي تطلبينها من زوجك، فالله سبحانه وتعالى هو الذي خلقنا، وهو الذي ينعم علينا بكل ما يعطينا، وهو سبحانه وتعالى الذي كلفنا بالفرائض وأوجبها علينا، ولم يكلفنا بما فوقها، فمن فعل هذه الفرائض وأداها فقد أدى خيرا كثيرا.
لذلك نصيحتي لك أن تفرحي بزوجك هذا لكونه يؤدي هذه الفرائض التي ذكرت، وأن تفرحي أيضا بأنه مجال خصب هيأه الله لك لتمارسي دعوتك إلى الله تعالى، وتبذلي جهدك في الترقي بهذا الإنسان في مدارج الكمال والطاعات، وسواء أثمرت تلك الجهود التي ستبذلينها فارتقى هذا الزوج، أو لم تثمر فبقي على حاله الذي هو عليه، فإن الله سبحانه وتعالى سيكتب لك أجر هذه الجهود التي تبذلينها.
لا شك ولا ريب أن أفضل الأعمال التي يقوم بها الإنسان في هذه الحياة: تعلم العلم الشرعي وتعليمه، والعمل به والدعوة إليه، والدعوة إلى العمل به، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته وأهل السماوات وأهل الأرض، حتى الحيتان في البحر؛ ليصلون على معلم الناس الخير).
هذا خير ساقه الله إليك، وأنفع الناس – كما قال الحكماء -: (أنفع الناس لك في الدنيا شخص مكنك من نفسه لتغرس فيه خيرا أو لتصنع إليه معروفا)، فكيف بعد ذلك تنظرين إلى من رزقت زوجا صالحا أنها أسعد منك، لمجرد أن زوجها قد بلغ مرحلة متقدمة في الالتزام بدينه؟! صحيح أنها قد تكون استفادت من جانب، ولكن فوائدك أنت ستأتيك من جوانب عديدة.
لذا نصيحتنا – أيتها الكريمة – ألا تبالغي، وألا تكلفي زوجك ما لا يكلفه الله تعالى، فحاولي أن تحثيه حثا شديدا على أداء الفرائض واجتناب المحرمات.
أما النوافل من الأعمال وترك المكروهات فخذيه بالرفق واللين، ووسعي عليه في هذا، وشجعيه على أن يبدأ بها شيئا فشيئا، وإذا جلست معه للحديث فلا تجعلي أحاديثك مواعظ دينية، وتجعلي كل مجالسك معه مجالس للوعظ والإرشاد، فإن النفس تمل من ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يتخول أصحابه بالموعظة، يعني: يعظهم في الأسبوع مرة، لأن النفس إذا أكثر عليها شيء ملته، فلا تجعلي أحاديثك معه -أكثرها أو كلها- أحاديث عن القيام بالفرائض، والإكثار من السنن، ونحو ذلك.
تعاهديه بين الوقت والآخر بشيء من التذكير، ويستحسن ألا يكون هذا التذكير مباشرا، بحيث يشعر بأنه هو المقصود مباشرة منك، فإن ذلك ربما يدعوه إلى الأنفة والاستكبار فلا يقبل منك ذلك، حاولي أن تسمعيه النصائح بطرق غير مباشرة، كأن تسمعيه بطريق غير مقصود مواعظ تذكر بالجنة وما فيها من النعيم، والنار، والتذكير بلقاء الله والوقوف بين يديه، ونحو ذلك من المواعظ المرققة، فإن هذه ستؤثر فيه بعون الله.
نسأل الله تعالى أن يوفقك للخيرات، وأن يجري الخير على يديك، إنه جواد كريم.