السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة في الـ٢١ من عمري في سنتي الأخيرة من الجامعة، تأتيني طلبات للخطبة، ولكن لا تتم حتى قبل أن يطلبوا موافقتي أو رفضي، يذهب الخاطب ولا يرجع، وحصل أن جاءني شخص قريب من جهة والدي يخطب، وأنا لم أتقبل الموضوع، أحسست أني لا أرغب بالزواج من تلك العائلة مع أنهم لا يعيبهم شيء، وعندما سألوني أجبتهم بلا من دون تفكير، لا أعلم أظن أني فكرت أن ذلك الشخص لا يتطابق معي، وهكذا.
علما أني رأيته فقط منذ عشر سنين، والآن بعد رفضي يأتيني شعور "يا ليتني عرفته أو قمت بمقابلة شرعية، أو تحدثت معه، أو شيء كهذا"، أشعر بالذنب وتعذيب للضمير، مع أني كنت متأكدة أني لا أرغب فيه قبلا لو أتاني مرة أخرى لكنت وافقت، ولكن لا أظن أن هناك من يرجع لفتاة ترفضه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هاجر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا ومرحبا بك:
إن لتأخر الزواج حكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى، والدنيا ابتلاءات، وما يحدث لك من تأخر الزواج أو انسحاب الخطاب عنك ابتلاء من الله، وقد يكون لتقصير بعمل ما، أو قد يكون بذنب والله أعلم، أو لمصلحة ما، فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
ولقد قال عمر رضي الله عنه: "لو كشف الحجاب ما تمنى المسلم الا ما حصل له"، فلا تيأسي وتوكلي على الله في اتخاذ الأسباب، وتأكدي أن الرحمن وزع بين الناس نعمه، فانظري إلى ما أنعم الله عليك واشكريه ليفرج كربك ويرزقك الزوج الصالح.
بنيتي: تختلف أولويات كل فتاة عند اختيار الشريك من مجتمع لآخر، ومنها العوامل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، بالإضافة إلى التوافق الفكري، فكل فتاة ترغب في الارتباط برجل تكمل معه حياتها، ويكون على قدر توقعاتها وأحلامها، ولكنها تنصدم مع الواقع عندما يتقدم لها الخطاب الذين لا يتوافقون مع متطلباتها، وتمر بها الأيام والسنة تلو الأخرى، وتدخل في نفق مظلم، وتعيش في قلق وتوتر وخوف من أن تقضي بقية عمرها بدون زواج، والسبب يكون أنه لا يوجد شخص كامل الأوصاف.
لذلك: على كل فتاة أن تحدد الأولويات التي تحتاجها من شريك حياتها من أجل بناء أسرة سليمة، فليس عيبا أو انتقاصا لها إذا تنازلت عن بعض الشروط لحساب أمور أكثر أهمية من أجل تسهيل أمر الزواج، وليس مطلوبا التشابه والتطابق بين الشريكين، وإنما التكامل بينهما هو المهم من أجل إشباع كل منهما لحاجات الآخر.
ابنتي الكريمة: الحياة تعكس منظارك، فانظري لها نظرة تفاؤل وأمل ورضى بما أنعم الله عليك من نعم، مثل: العلم، والأخلاق، والدين، والنسب، واعلمي أنك لست كبيرة لدرجة أن تخافي أو تجعلي همك الأكبر هو تأخر الزواج، أو أن تلومي نفسك وتمارسي جلد الذات، فعليك أن تتعلمي كيف تتخذين قرارا، فحياتنا كلها عبارة عن قرار يتخذ، إن كان على صعيد العمل أو العلاقات الاجتماعية، أو قبول أو رفض خاطب.
ولكل هذا أقول لك ما يلي:
عندما يتقدم الخاطب أنصحك أن تركزي على هذه الخطوات:
* يمكنك ووالدك السؤال عنه، فاسألي عن دينه، ومحافظته على الصلاة، وبره بوالديه وأخلاقه، ومستواه المادي والفكري، ووظيفته ومواصفاته واهتماماته.
* وبعد السؤال عنه والتأكد من مناسبته لك دينيا وأخلاقيا، ووجدت فيه المواصفات التي ترغبينها في زوج المستقبل، وتبين لك أن إيجابياته أكثر من سلبياته فعليك بالاستخارة وهي: أن تصلي ركعتين من غير الفريضة، وبعد التشهد الأخير وقبل السلام تدعين دعاء الاستخارة، فإن كان فيه خير لك سييسره الله لك، وإن لم يكن فيه خير لك فسيصرفه الله عنك ويبدلك خيرا منه.
*وإذا شعرت بالارتياح للمعلومات التي حصلت عليها، فلا مانع من الرؤية الشرعية بالطبع بعد التنسيق مع والديك، واكتبي على ورقة كل الأمور التي تودين معرفتها منه، وبطريقة ذكية اطرحي عليه الأسئلة، وليس بأسلوب التحقيق، إنما بأسلوب التعرف على شخصيته.
*وإذا وجدت أن هذا الخاطب كفء ومناسب لبناء حياة زوجية يسودها الاحترام والتفاهم والتكامل، فوافقي عليه بعد التوكل على رب العباد وحسن الظن به، ففي الحديث القدسي يقول الرحمن لنا: " أنا عند ظن عبدي بي؛ فإن ظن بي خيرا فله، وإن ظن بي شرا فله". رواه أحمد ، لذلك انظري إلى نفسك بثقة وقوة، وأحسني الظن بالمستقبل؛ لأن الله لا يرضى لنا الشقاء.
وأخيرا أقول لك: انظري إلى نفسك نظرة كلها فخر واعتزاز وتقدير واحترام لما وصلت إليه من علم وثقافة، فتقديرك لذاتك يغير حياتك.
أسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح، وأن ييسر أمرك، ويسعد قلبك قريبا -إن شاء الله تعالى-، ولا تنسي أن تطمئنينا عنك يا هاجر.