السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شخص لا أصلي، لكني في نفس الوقت لا أفعل أي شيء ضد المسموح لي في الدين، أنا فاشل دراسيا واجتماعيا، ومنذ 5 شهور أفكر في الانتحار، لكني لا أستطيع تخيل أمي وهي تبكي علي، ولهذا لا أستطيع التنفيذ، حاولت إصلاح نفسي عدة مرات، ولكني دائما أعود كما كنت.
عاداتي السيئة هي أني مع إيماني القوي في أن الإسلام هو الدين الصحيح لكني لست ملتزما، وأيضا أفعل بعض الأشياء المحرمة مثل مشاهدة الإباحية كل شهرين والعادة السرية أسبوعيا، وفي المدرسة الجميع يكرهني في الصف، أنا تافه جدا، مدمن على استخدام الهاتف، أكره الدراسة، وليس لدي أي هدف أعيش لأجله، لا أريد شيئا، والشيء الوحيد الذي أحبه هو مشاهدة المقاطع التافهة المضحكة طوال الوقت، أقضي أكثر وقتي على الفراش، أنا ضعيف الجسم، لست رياضيا، أحيانا أمارس بعض الرياضة لكني أتعب وقلبي يؤلمني، راجعت الطبيب وتأكدت من سلامتي، ولهذا لا أمارس الرياضة، وأصدقائي لا يبادلوني حب كرة اوتنس الطاولة والتنس، ولا أستطيع تكوين صداقات جديدة، لأن شخصيتي كريهة جدا، وأنا غريب الأطوار ولا أحسن التصرف في أي موقف، أرغب أن أتغير، لكني لا ألتزم بشيء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ابني العزيز: أنت في سن تتقلب فيها شخصية الإنسان، وتنتابه مشاعر وأفكار متنوعة بعض منها يكون غير منطقي أحيانا، وتظهر عليه حالة من التناقض في معظم شؤون حياته، ويبقى كذلك إلى أن ينضج وتبدأ شخصيته تستقر بشكل ملاحظ. وبالنسبة لجميع ما ذكرت من مشاكل سنأتي على حلها واحدة تلو الأخرى، ونتمنى منك اتباع الإرشادات العملية التالية للخلاص من تلك المشاكل بمشيئة الله نهائيا.
بالنسبة لترك الصلاة:
ثبت في الحديث عن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- في مسند أحمد بإسناد جيد عن النبي ﷺ أنه ذكر الصلاة يوما بين أصحابه فقال: (من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف)، والصلاة هي الركن الثاني بعد الشهادة، كيف تصوم وأنت لا تصلي؟ كيف تزكي وأنت لا تصلي؟ كيف تعتمر أو تحج وأنت لا تصلي؟ ماذا سيكون ردك على الله حينما يسألك: ما الذي منعك عن الصلاة؟ قل لي بربك: هل هناك جواب شافي على هذا السؤال؟ هل هناك رد مقنع؟ أنا لا أعتقد أنه يوجد، لا تقل سأفعل بعد أيام، بل الآن. ولا تقل صعب! بل قم وجرب. ولا تقل كيف؟! بل قم وتوضأ.
ومن الطرق التي تشجعك على الصلاة والالتزام بها اتبع ما يلي:
لا تؤجل الصلاة نهائيا، وعلى مدار ٢١ يوما التزم بأداء الصلاة بعد انتهاء المؤذن من الأذان فورا، وإذا كانت بالمسجد احرص على الذهاب للمسجد مع الأذان وبعد صلاة السنة اجلس واقرأ كتاب الله، وابدأ بالاستغفار، واختر صحبة حسنة يقيمون الصلاة، ويلتزمون بأداء العبادات.
بالنسبة للانتحار:
هل الموت سيحل مشكلتك؟ ومن هو الذي يهرب من مشاكله؟ لو كل شخص انتحر عندما تواجهه المشاكل لاختلفت موازين الحياة. وإن الخاسر الوحيد في النهاية من انتحارك هو أنت. فما زلت صغيرا ولكن عليك أن تكون أكثر وعيا على ظروفك وتتعامل بواقعية بعيدا عن الخيالات التي تسيطر عليك في هذه المرحلة الحرجة، والانتحار من أكبر الكبائر، وقد قال الله جل وعلا:" ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما [النساء:29] ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا" [النساء:30] وقال النبي ﷺ: "من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة".
بالنسبة للإباحية والعادة السرية:
ابدأ من اليوم بالتوقف عن النظر إلى أي شيء يثير شهوتك الجنسية، وتوقف عن ممارسة العادة السرية لمدة ٢١ يوما متتالية دون انقطاع، وبعد أن تنجح استمر على ذلك لمدة (٩٠ يوما). وإذا شعرت أن عزيمتك ضعفت وبدأ الشيطان يوسوس لك لممارسة العادة السرية، قم بعمل شيء يتناقض مع هذا الفعل، مثل: الاستحمام، ممارسة الرياضة، قراءة القرآن، الصلاة، إن الإصرار على تحقيق الهدف في الخطوة السابقة وهو التوقف ما يقل عن ثلاثة أشهر متتالية هو أهم خطوة طوال رحلة العلاج، لأن خاطرة (أريد أن أمارس العادة السرية) ستأتي مرارا إلى ذهنك، وكلما ازدادت الفترة الزمنية لإقلاعك عن العادة السرية كلما قل تكرار ورود هذه الخاطرة إلى ذهنك حتى تختفي وتنتهي من ذهنك تماما، وثق نجاحك بشكل يومي على رزنامة، ضع علامة صح على كل يوم مر دون ممارسة العادة السرية.
بالنسبة لانخفاض تحصيلك الدراسي:
لا تيأس، وانهض، وكن أكثر تصميما على النجاح والتفوق، وراجع العوامل التي تؤثر في دراستك، وتحديدا فيما يتعلق بمكان ووقت الدراسة، ساعات الدراسة، العوامل التي تشوش تفكيرك، رفاق الدراسة، كيفية الدراسة فيما يتعلق بالتلخيص والمتابعة والتذكر، لا تؤجل الدراسة والواجبات، بل أنجز كل ما هو مطلوب منك، فهذا سيثير فيك الالتزام والرغبة في التعلم، صمم برنامجا لدراستك، يتضمن الأيام، وساعات الدراسة، وساعات الفراغ والترويح عن النفس، صمم قوائم تبين مدى الإنجاز أثناء الدراسة بحيث يتم تثبيت الوحدات أو الصفحات المنجزة لكل مادة، الانتهاء من الدراسة أولا ثم ممارسة الهوايات المفضلة، مثل قراءة المادة الدراسية بإتقان وتركيز، ومراجعتها جيدا، واختر بعض الزملاء وراجع معهم المادة العلمية، فهذا سوف يشجعك ويوجد فيك حب التنافس، وقلل من استخدام جميع مشتتات الذهن، وأهمها: (الهاتف الذكي وما يتضمنه من برامج تواصل اجتماعي، وتطبيقات للعب،...).
بالنسبة للتصرف في المواقف:
عليك الاستعانة بشخص أكبر منك أخيك الكبير أو والدك واستشارته في كيفية التصرف في تلك المواقف، وعليك بالتروي والحكمة والتفكير قبل التصرف.
بالنسبة لاختيار الأصدقاء وبناء العلاقات:
حدد السلبيات في شخصيتك، واعمل على التخلص منها، بعض الأحيان الإنسان لا يرى أخطاءه ، ويعمل على إزاحة وإسقاط السلبيات في شخصيته أو سلوكه على الآخرين. ويقول: هم الذين يقومون بكذا وكذا، هم يكرهونني، هم سيئون، الناس لا تقلل من شأن أحد أو تسخر منه إلا إذا كانت تصرفاته مدعاة للسخرية. لذا عليك إعادة النظر في طريقتك في التعامل مع الآخرين.
بالنسبة لتقبل الناس لك أو عدم تقبلهم:
يعتمد على عدة عوامل، هي: الأخلاق، الشكل العام، الهندام، طريقة الكلام والموضوعات التي تطرح، الأصدقاء الذين تتفاعل معهم، مستوى التحكم بالغضب، وغيرها من العوامل التي تفرضها طبيعة المكان الذي يتواجد فيه الشخص، أنزل الناس منازلهم، بمعنى، لا تعط أحدا أكبر من قدره، فلا تضع نفسك مواضع السوء ، وتنزلها منازل متدنية، ولا تنعزل عن الآخرين، وإذا كانت مجموعة من الأشخاص قد رفضوا التعامل معك، فهذا لا يعني أن العالم خاليا من أشخاص يتقبلوك، لذا، ابحث عن الصحبة الحسنة الطيبة، الذين يعاملوك بأخلاق الدين، وتواصل معهم في نشاطاتهم فهذا يجعلك أكثر انفتاحا ويكسبك مهارات التعامل مع الآخرين
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.