السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
إخوتي في الله: لطالما كانت هذه المنصة ملجأ لي في أوقات التردد والصعوبات، لذلك أود اليوم أن أطرح اليوم مشكلة تواجهني منذ الأشهر القليلة الماضية، التكاسل عن الصلاة وقسوة القلب نزلا علي بصورة لم أكن أتخيلها أبدا، ورغم دعائي لله عقب كل صلاة وفي أوقات الاستجابة، إلا أن قلبي لم يلن ولم أتخلص من مشكلة التكاسل عن الصلاة، لم أتخيل في حياتي أنني سأصبح شخصا لا يبالي وقاسي القلب لهذه الدرجة.
والله إني لأدعو الله بقلب صادق بأن يلين لي قلبي ويذهب عني التكاسل عن الصلاة، لأنني لم أعد أطيق حالي هذه، لكن لم ألحظ أي تغيير حتى الآن. ما العمل؟
الرجاء النصيحة والدعاء ولكم جزيل الشكر، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أيها الابن الكريم في الموقع، ونشكر لك الثناء على الموقع، ونؤكد لك أننا في خدمة أبنائنا والبنات، نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الاستقرار في التدين، وأن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
سعدنا جدا بهذه الاستشارة التي تدل على نفس لوامة تلوم صاحبها على التقصير، ونؤكد أن شعورك بالتقصير في شأن الصلاة - وهي أغلى ما ينبغي أن يحافظ عليه المؤمن بعد إيمانه بربنا العظيم - دليل على أنك لا زلت تملك قلبا حيا، نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على إتمام هذا النور وهذا الخير بالمواظبة على الصلاة والسجود لله تبارك وتعالى.
وحتى نناقش معك الأمر بموضوعية، أرجو أن تسأل نفسك: يا ترى ما هو الجديد الذي دخل في حياتك؟ هل هناك أصدقاء جدد؟ هل هناك مواقع جديدة فيها شبهات أو شهوات دخلت عليها؟ هل هناك صعوبات تواجهك في العمل أو في حياتك أو في أسرتك؟ هل هناك ذنوب من حيث لا تدري حالت بينك وبين الصلاة ؟ لأنه إذا عرف السبب بطل العجب.
ونحب أن نؤكد لك أنه مهما حصلت الصعوبات فإن الصلاة مفتاح للخيرات، وهي سبب الخير، وسبب الفلاح والتوفيق، ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ارحنا بها يا بلال)، وكان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، وكان يقول: (وجعلت قرة عيني في الصلاة)، وكذلك الصحابة إذا اشتد بهم الحال فزعوا إلى الصلاة، يتأولوا قول الله: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}.
عليه: أرجو أن تستمر في المجاهدة، وقبل ذلك في الدعاء، واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، وننصحك بأن تحشر نفسك مع رفقة صالحة تذكرك بالله إذا نسيت، وتعينك على طاعة الله إن ذكرت، ونبشرك بأننا دخلنا مواسم الخيرات، فنحن في شهر الله شعبان، ونسأل الله أن يبلغنا وإياك رمضان، وهذه مزيد من الفرص من أجل أن يستقيم الإنسان على طاعة الله تبارك وتعالى، وأنت بلا شك سوف تصوم، لكن تذكر أن الصلاة هي ركن الإسلام الركين، وهي المعيار، هي الميزان في الدنيا والآخرة، كان السلف إذا أرادوا أن ينظروا في دين إنسان نظروا في صلاته، أما في الآخرة فأول ما يحاسب عليه الإنسان من عمله الصلاة.
فعليه: أرجو أن تغتنم مواسم الخيرات، وتستمر في المجاهدة والمحاولة، وحافظ على أذكار الصباح والمساء، وعليك إبعاد الأسباب التي تجعلك تتكاسل، فقد يكون السهر، وقد يكون بعض الغفلات والذنوب والشهوات، لأن الله قال: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات}، فالمسألة لها علاقة كبيرة، وأمر ترك الصلاة أمر عظيم.
فإذا كنت وقعت في شيء من المخالفة أو شيء من التقصير فاعلم أن للمعاصي شؤمها وآثارها، ولكن المهم نحن بحاجة إلى وقفة للمراجعة، وسعداء جدا بهذا الشعور منك، ونتمنى أن تطمئننا بعد أن تأتي بما أشرنا إليه من استمرار في الدعاء، ومن صدق توكل إلى الله تبارك وتعالى، ومن ترك المألوفات الجديدة التي دخلت إلى حياتك، خاصة إذا كان فيها مخالفات، من البحث عن رفقة صالحة، من إعطاء النفس حظها وحقها من الراحة والطعام، هذه الأشياء ينبغي أن تبذلها، واحرص على المحافظة على أذكار الصباح والمساء.
فاحرص على المواظبة على الصلاة، فأنت ولله الحمد تطلب أمرا عظيما، ونبشرك بالثواب العظيم لمن يبادر إلى الصلوات، ولمن يحرص على تكبيرة الإحرام، ولا تتبع الشيطان وتطع النفس الأمارة بالسوء، قال تعالى: {كلا لا تطعه واسجد واقترب}.
نسأل الله لك التوفيق والسداد والثبات والهداية.