السؤال
خطبت فتاة ذات خلق ودين وعائلة محترمة منذ ٦ أشهر، ولكن لبعد المسافة ولطبيعة عملي كنت أراها وأتحدث معها مرة كل أسبوعين أو مرة كل شهر، ومع الوقت وإلحاح أهلي علي أنها فتاة ذات خلق ودين اشترينا شبكة وقررنا موعد تلبيس الشبكة، ومع كل هذا الزحام لا أشعر أني أميل لها أو يوجد بيننا أي أشياء مشتركة واختلاف الثقافات، هي من منطقة أخرى وهذا عائق بالنسبة لي!
ولكني قررت أن آخذ وقتي لأتعرف عليها أكثر، ومع هذا لا أشعر أني أريد الذهاب إليها، وعندما نجلس سويا لا نتحدث، وظننت في البداية أنه خجل ولكن استمر الوضع على ما هو عليه، وعندما أسألها عن أهدافها للحياة والزواج وتوقعاتها للزواج تكون الإجابة لأنها سنة الحياة، (أظنها تريد الزواج من أي شخص وليس لشخصي، فقط شخص وافق عليه والدها أو للتحرر من بيت العائلة)، وعندما استشرت أهلي وبخوني لأن عائلتي وعائلتها حضروا تلبيس الشبكة وهذا سيء لسمعة الفتاة إذا تركتها وشكلهم سيكون سيئا أمام العائلة؛ وأنا عطلتها عن الزواج 6 أشهر، وأن كل هذا لا يهم، وكل شيء يأتي مع العشرة.
أصبحت لا أتقبل شكلها، وأصبحت أطلق بصري مع العلم أني أغض بصري عن النساء، هذا ليس بعذر ولكني في الأساس أريد الزواج لأعف نفسي ولكن أخشى أن يحصل النقيض.
سؤالي: هل أتركها أم أكمل لأخلاقها ودينها فقط؟ مع العلم أن هناك موقفا حصل يدل على تساهلها في المعاملة مع أبناء أعمامها وأنا أغار، أم أنفصل وأتحمل النتائج لي ولها؟ وكيف أصارحها أم أصارح أخاها؟ وهو كان زميلا لي في العمل (المواجهة صعبة بالنسبة لي).
شكرا، وآسف على الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك يا محمد في موقعك إسلام ويب، وإننا سعداء بتواصلك في أي وقت، ونسأل الله أن يكتب لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.
أخي محمد، نرجو أن تقرأ ردنا إلى النهاية، وأن تقرأه أكثر من مرة، فالقرار هنا مصيري، ويجب أن تكون على بينة ودراية مما تود القدوم عليه.
1- الدين والخلق هما عماد الحياة الزوجية السعيدة، وهما ركنا البيت الهادئ، وهما دعامتا الإصلاح الأسري، لكن ليسا بهما وحدهما تقوم الحياة الزوجية، بل استحسان المرأة في عين زوجها بعد الدين والخلق لها اعتبارها الشرعي، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك"، فعد النبي -صلى الله عليه وسلم- الجمال من الرغبات، لكنها قدم عليه التدين والأخلاق، ذلك أن المرأة المتدينة خير متاع الدنيا، فعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة"، وعليه فالدين والأخلاق أصل الاختيار ثم يأتي الجمال بعد ذلك.
2- إذا لم يكن في الفتاة ما يرغبك فيها، ولم تجد فيها رغبة تدعوك إلى الزواج منها فلا حرج عليك شرعا أن تنسحب، ولعل الانسحاب المبكر يكون خيرا لك ولها، حتى مع كل الاعتبارات التي ذكرتها والعوائق التي أوردتها، فخسارة اليوم ساعتها أفضل من الخسارة بعد ذلك، هذا من حيث الأصل، وإنما نقول ذلك لأمر نفسي هام نرجو أن تنتبه له في النقطة التالية.
3- إن الإنسان بعد الخطبة ينتقل من طور الخيال والحلم والسباحة الفكرية فيمن يختار إلى الواقع العام، ولأن الخيال لا حد له، والواقع هو الواقع، فإن كل خاطب سيرى في المرأة نقصا من جهة ما، والصفات التي كان يحلم بها سيجد بعضها مفتقدا، وبعضها موجودا، ونحن نقول لك: حتى وإن وجد الشخص أكثر ما يريد فإنه دائما يتطلع إلى ما نقص من أحلامه، وهنا يأتي دور العامل النفسي متمثلا في تلك العبارة (خلاص تورطت)، تلك العبارة أخي قاتلة؛ لأنها تجعلك تنظر إلى تلك الفتاة -والتي ربما تكون الأنسب لك والأفضل- على أنها عبء ثقيل تريد أن تتخلص منه أو تحمله على كره، وهذا يدفعك إلى اختيار الخطأ والندم على القرار بعد أخذه، ولذلك نقول لك: تخلص من كل الأفكار السلبية، ولا تبحث عن الأحلام الخيالية، فليس هناك امرأة كاملة، كما أنك لست كاملا، وعليه فلست مضطرا للزواج منها كما أنك لست مجبرا على تركها، بل الواجب عليك التفكير بعيدا عن أي ضغط.
4- ما ذكرته عن الفتاة من قولها (سنة الحياة) وعدم استحسانك له، نحن نراه حسنا، ونرى أن الفتاة ليست ماكرة ولا صاحبة تجارب سيئة، فأي فتاة في مكانها تستطيع أن تقول من الكلام ما يدفعك إليها، ويرضي تطلعاتك لها، ولكن أخلاقها منعتها من ذلك وهذا يحسب لها لا عليها.
5- لك كامل الحق في الغيرة، ولكن أن تعلمها بهدوء الحدود الفاصلة بينها وبين أبناء عمومتها، ونحن على ثقة بأنها ستستجيب ما دامت صاحبة دين وخلق، وما دمت حكيما في عرضك وغير متهور أو متعجل.
وأخيرا: إننا ننصحك أخي أن تتخلص من كل الضغوط التي عندك، وأن تفكر فيها بعقل وروية، وأن تستخير الله -عز وجل-، وأن تلتزم بأذكار الصباح والمساء، فإن ذلك أدعى إلى الاختيار الصحيح، ونحن دائما ما نقول لشبابنا: إذا وجدت فتاة فيها بعض الدين والخلق ثلاثة أرباع ما تريد فأنت محظوظ، فلا تطلب الكمال في العلاقة، وإذا قررت الانسحاب فراسلنا ونحن سنخبرك بما تفعل -إن شاء الله-.
المهم أن تتخذ القرار بعيدا عن كل الضغوط وبعد الاستخارة والمحافظة على الأذكار، والله الموفق.