السؤال
السلام عليكم.
لا أعرف كيف أبدأ، ولا كيف أشرح، أنا تعبت من هذه الحياة، أنا بنت، وعمري 21 عاما، أي شيء أريده في هذه الحياة سواء كان بسيطا أم لا، فإنه لا يتحقق، أو يتحقق بصعوبة، أي شيء، كل يوم أبكي في صلاتي وأدعو الله أن يأخذ أمانته وأرتاح، ولا أعرف ما هو الحل؟ فأنا تعبت كثيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك أختنا الكريمة في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك في عمرك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
أختنا الفاضلة: كنا نود أن نعلم الشيء الذي أكثرت الدعاء من أجله ولم يأتك، حتى تتمني الموت في صلاتك، لا بد أنه أمر جلل، خاصة وأنت -والحمد لله- متدينة، وهذا ما يدفعنا إلى أن نفترض بعض الأمور ونتحدث حولها:
1- إن كان مرضا لا تستطيعين معه الحراك، ولا تقدرين معه على التعايش، ولم تجدي ثمن الدواء له، وكل يوم تستيقظين وهمك غسيل الكلى أو متابعة الطبيب، فاعلمي أختنا أن هذا الابتلاء واقع وكثير من الناس فيه، وكثير من الناس أقصى أمانيهم أن تمر عليهم دقائق من غير ألم، أو يجد الثمن الذي يجلب به الدواء، ولكن الصابر على ذلك له أجر عظيم، وأشد الناس بلاء أحبهم إلى الله، وما أخر الله الشفاء عنك إلا لمنزلة يريدك أن ترتقى لها، فأملي في الله خير، هذا إذا كانت المسألة مرضا، فإن لم تكن مرضا فالحمد لله على فضله، والحمد لله على إحسانه وتفضله عليه، ونسأل الله لك السلامة والعافية.
2- إن كان ما أنت فيه هو فقدك الأمن في وطنك وطردك من بلادك إلى بلاد لم تقبلك، وافتراش الأرض والتحاف السماء، في خيم للنازحين بلا مأوى ولا طعام ولا سكن، ولا أمان ولا مستقبل ولا وطن، ولا تعليم ولا نوم هادئ، ولا وقاية من برد شديد غير محتمل، نقول أختنا: إن كان الأمر كذلك فإنا والله نستشعر بكم في كل مشاهدة، ونبصر بأعيينا ما أنتم عليه من تعب وألم، وتبلغنا صرخاتكم، خاصة من فقدت أهلها جميعا، لكن اصبري أختنا، واجتهدي مع قريناتك للتخفيف من الصغار وتعليمهم مما علمكم الله، ولعل الله الكريم يمن عليكم بالأمن بعد الخوف إنه جواد كريم. فإن لم تكوني منهم فالحمد لله والشكر لله والفضل لله على هذه النعم.
لعلك الآن فهمت ما نعني ولا نريد أن نسترسل أختنا، إننا نريد أن نوصل إليك رسالة مفادها: نعم العبد من يعدد نعم الله عليه وهي كثيرة، فالشيطان من وسائله أن يضخم الابتلاء وأن يهون النعيم، والذي إذا سلب منا بكينا عليه وتمنينا يوما كنا فيه في نعيم غيبته بعض أمانينا التي كان يمكن التعايش بدونها.
أختنا الكريمة: نحن لا نقول إنك لست في ضائقة، فما من أحد إلا وقد ابتلاه الله عز وجل، هذه طبيعة الدنيا التي خلقها الله لنا، لكن المؤمن التقي البر يبصر الابتلاء من خلال نعيم الله عليه، فيدفعه ذلك إلى الصبر، ومن ثم يتعامل معه ليدفعه لكن وقلبه مطمئن.
أختنا: طبيعة الحياة هي الابتلاء، الدنيا ليست دار جزاء، بل الآخرة فيها الجزاء والنعيم، فلا تطلبي من الدنيا الراحة الأبدية ولا السعادة الدائمة، إذ هي دار اختبار: (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) ولأجل ذلك نوع الله الابتلاء ووزعه بالعدل على الناس وقد أحسن القائل:
ثمانية لا بـد منها على الفتى
ولا بد أن تجري عليه الثمانية
سرور وهم, واجتماع وفرقة
وعسر ويسر, ثم سقم وعافية
أختنا الفاضلة: حكمة الله بالغة ولا تنفك عن أقداره، والله عز وجل يعلم ولا نعلم، فإذا أعطاك شيئا أو منعك شيئا فلحكمة قد تظهر لك فيما بعد، وما علينا إلا التسليم وإظهار العبودية الحقة لله تعالى.
إننا ندعوك إلى أمرين:
- كتابة ورقة فيها نعم الله عليك.
ثم أخرى فيها ما أردت ولم يحققه الله عز وجل، وراسلينا مرة أخرى بنفسية أخرى، واكتبي المشكلة وماذا طلبت وما بذلت فيما طلبت، وإن شاء الله نجتهد في إعانتك.
نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، والله الموفق.