أستحيي من الله لأني ألجأ إليه فقط عند الشدائد، انصحوني.

0 27

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عمري 17 سنة، خلقني الله جميلة وأحمد الله على ذلك، لكن أعتقد أن جمالي أساس مشاكلي في الحياة، أسرتي وأقصد أمي وأبي ملتزمان دينيا، وهناك مشكلتان بسببهم تحولت حياتي إلى عذاب، الأولى: عدم المحافظة على الصلاة، فكل مرة أنوي المحافظة على الصلاة أستمر لمدة أسبوع ثم أتوقف بعد يومين، قد يكون ذلك من وسوسة الشيطان، ولكن غالبا ما يكون لسبب آخر.

والمشكلة الثانية: عدم غض البصر، فكلما حاولت غض بصري غلبتني الوساوس كأي فتاة تشعر بالسعادة عندما ينظر إليها الرجال، وأنا فتاة لا تهتم بالرجال إلا إذا بادروا بالاهتمام والنظر إلي، حاولت أن أبتعد عمن ينظرون لي، ولكن لا يخلو الشارع ولا المدرسة من الرجال. مدرستي دينية ولكن الأساتذة ذكور، علما أنني محجبة، وألبس عباءة فضفاضة، وأحاول المداومة على حفظ القرآن الكريم، والصلوات في وقتها.

فكرت كثيرا في لبس الخمار، لكن والدي ووالدتي نصحوني بعدم لبسه إلا عندما أتخلق بأخلاقه، لا يقصدون أنني سيئة الأخلاق، لكنهم لا يريدون أن يصدر مني تصرف خاطئ يشوه صورة الخمار أمام الناس، بسبب هذا كله بدأت علاماتي المدرسية في التدني، ولن يمر ذلك على خير مع والدي، أعتقد أنها عقوبة من الله، وقد اقترب موعد النتائج، وأنا محتاجة إلى الدعاء، غير أني تركت الصلاة مدة يومين، أستحي من نفسي كثيرا، وأخجل من الله لأنني أدعوه في وقت الشدائد فقط، وأشعر بأن الله ليس راضيا عن أفعالي بسبب تقصيري في العبادة.

والله إني أعيش في عذاب وأبكي يوميا لأجل ذلك، وعندما أطلب من أحدهم حل مشكلتي لا أستفيد منه، أرجوكم أريد علاجا لحالتي هذه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك أختنا الكريمة في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يرزقك الصلاح في الدنيا والفوز في الآخرة، إنه جواد كريم.

أختنا الكريمة: كم أنعم الله عز وجل عليك من نعم يغبطك عليها آلاف المسلمات، أنعم الله عليك بالأهل، وغيرك جل أمانيهم أن يسمعوا يوما بنيتي، أن يرتموا في أحضان أمهاتهم، ثم أنعم عليك بأن جعلهم من أهل التدين، وكم من فتاة تراسلنا تريد الاستقامة وأهلها على غير الجادة حتى أضحت حياتها جحيما بسببهم، أنعم الله عليك بالتدين، وانعم عليك بثقة أهلك فيك، وأنعم عليك بالجمال، كل هذه النعم كفيلة بأن تسجدي لله سجدة شكر توقظين بها قلبك، وتستردين بها تدينك ، وتتقين غضب الله عليك، فكما لا يخفاك أختنا الكريمة أن الله لا يغير ما يقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. هذه النعم التى عددنا لك بعضها لم يغيرها الله عليك ما دمت على الجادة والاستقامة، فإذا انحرف الإنسان تغيرت نعم الله وتحولت عنه، وساعتها يبكى دما وما من مجيب.

أختنا الكريمة: إن أعظم مشكلة عندك هي ضعف الرباط التديني بينك وبين الله ، والذي جعلك تصلين وتتركين، وضعف المراقبة والتي جعلت نظرك يتسارع حتى تشاهدي نظر الناس إليك، ولكن أختنا حدثينا : ما فائدة أن ترتفعي في عين الخلق كلهم وتسقطي من عين الله!

الامتحان أختنا يكون في هذه النظرة والتي مبتدؤها منك، والشيطان كفيل بعد ذلك بمتابعتها في قلبك، وتضخيمها في نفسك، وسلبك من علياء الطاعة والأنس بالله، إلى حضيض المعصية وذل الطريق إليها.


أختنا الكريمة: أنت بحاجة ماسة وعاجلة إلى إعادة فهم علاقتك بالله، إلى إيقاظ الإيمان المخدر عندك، إلى إحياء الرقابة الداخلية، كل هذا أنت بحاجة ضرورية له، ونحن سنجمع لك هذا كله في عشرة نقاط تحدث فيها أهل العلم أنها الطريق لزيادة الإيمان في القلب، فإذا أخذت ما ذكرناه لك على محمل الجد والاجتهاد؛ وصلت إلى ما تودين الوصول إليه، وسعدت في دنياك وسعد بك أهلك، وفزت في أخراك، وحافظت على نعم الله عليك:

النقاط العشرة لزيادة معدل الإيمان:

أولا: معرفة الله عز وجل، التعرف على المعبود معرفة تجعل بينك وبين عصيانه حواجز وجدرا، والتعرف عليه يكون من خلال معرفة أسمائه الحسنى وصفاته العلى فهذا مما يولد الخشية في قلب المؤمن، قال تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء}.

ثانيا : التحصن بعد الله بالعلم الشرعي: ولا يعني ذلك ترك دراستك، وإنما نعني العمل على ثقل شخصيتك العلمية أكثر وأكثر، وفي الموقع كذلك عشرات الكتب المشروحة التي تضعك على الطريق.

ثالثا : كثرة التأمل في خلق الله عز وجل للوقوف على عظمته جل شأنه، قال تعالى {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب}، وقال : {وفي أنفسكم أفلا تبصرون}، وحثنا القرآن صراحة فقال: {قل انظروا ماذا في السموات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون}.
قال عامر بن عبد قيس : " سمعت غير واحد ولا اثنين ولا ثلاثة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يقولون : " إن ضياء الإيمان أو نور الإيمان التفكر ".

رابعا : تدبر القرآن : ولاحظي أختنا أننا لم نقل لك: ختم القرآن ولا قراءته بل نريد منك أن تتأمليه، وهذا يوجب عليك أن يكون معك كتاب تفسير مبسط، ونحن نرشح لك تفسير السعدي.

خامسا : اجتهدي ألا يكف لسانك عن ذكر الله، تمثلي بفعل قوله صلى الله عليه وسلم (لا يزال لسانك رطبا بذكر الله): فالذكر أختنا يطمئن القلوب المؤمنة ويثبتها على طاعة الرحمن، قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، وقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يذكر الله بالرجل الميت، فقال كما في حديث أبي موسى: " مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت "، وهو في ذات الوقت مدمر للشيطان داحر له.

سادسا : البحث عن حلاوة الإيمان : للإيمان لذة ولها طعم حلو ومذاق فريد ، لا يتذوقها إلا من قدم محبة الله ورسوله على محبة نفسه وهواها، يدل على ذلك: حديث أنس قال صلى الله عليه وسلم: " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار" متفق عليه.

سابعا : البحث عن صحبة صالحة من الأخوات الصالحات، فإن الصحبة الصالحة تزيد التدين
قال أبو الدرداء : " كان ابن رواحة يأخذ بيدي ويقول: " تعال نؤمن ساعة، إن القلب أسرع تقلبا من القدر إذا استجمعت غليانها ".

ثامنا: الابتعاد عن المعاصي: فالمعصية ظلمة في القلب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث حذيفة: " تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا، فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مربادا (أي مخلوطا حمرة بسواد)كالكوز مجخيا (كالكأس المنكوس المقلوب الذي إذا انصب فيه شيء لا يدخل فيه) لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه".

تاسعا : زيادة النوافل مع المحافظة قطعا على الفرائض، فقد روى أبو هريرة أني النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: " وما يزال عبدي يقترب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه.

عاشرا: الدعاء أن يزيد الله إيمانك وأن يصرفك عن السوء: فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الإيمان ليخلق (أي يبلى) في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم ".

هذا، ونسأل الله أن يوفقك لكل خير، والله المستعان.

مواد ذات صلة

الاستشارات