أمي تمنعني من لبس الحجاب وصحبة الصالحات، فماذا أفعل؟

0 2

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة بعمر 26 سنة، غير متزوجة، وعاطلة عن العمل رغم بحثي المستمر، ملتزمة بالصلاة والصيام والذكر، لكن أهلي لا يصلون، ولا تحتجب النساء، ومنهم من يفطر في رمضان، والكثير من المعاصي التي لا حصر لها!

حاولت أن ألبس الحجاب لكن لحقتني أضرار نفسية ولفظية، وتهديد أمي بقتلي وقتل نفسها، وكان تهديدا حقيقيا، وليس مجرد تهديد لفظي، فاضطررت لتركه، إضافة إلى أنه لا أحد طرق باب بيتي لخطبتي، ولا حتى السؤال عني، وصرت أخشى العنوسة كون أمي -والله أعلم- تمنع عني الخاطبين كما تمنع عني الصحبة الصالحة، وترى أن أبقى بلا زواج لخدمتها وتلبية حاجاتها، فاضطررت أن لا أطيعها في الكثير من الأمور، ووالله إني كارهة لتركي طاعتها رغم ما هي عليه!

أنا الآن أتألم لحالي! أحلم بتكوين أسرة قائمة على دين الله، وأحفظ القرآن، وأذهب المساجد، وأخشى على نفسي من الفتن، ولست أدري كيف أعامل أمي وأبي؟ وكيف أخرج من هذه الأجواء التي أعيشها يوميا على مدار سنوات؟ ما عساي أن أفعل باللباس؟ إذ يجبرونني على الملابس الضيقة والتبرج والزينة.

تكلمت مع مشايخ من بلادي لكنهم لم يفعلوا شيئا، أشعر بالوحدة والضياع والتعب والسجن، فلا أجد صحبة، ولا زوجا، ولا أولادا، ولا عملا، ولا طاعة لله كما ينبغي!

الحمد لله رب العالمين راضية، وأعلم أن ما قدر لي فيه الخير في ديني ودنياي، والله كريم وحكيم، وهو أعلم وأرحم بي من نفسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ س حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، كما نسأل الله الكريم أن يمن عليك بالزوج الصالح الذي يسعدك في الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم بر رحيم.

أختنا الفاضلة: الحجاب واجب شرعي لا يجوز لك تركه، كما لا يجوز لك طاعة أي مخلوق -ولو كانا والديك- في نزعه، فالقاعدة الشرعية الأصيلة أن الطاعة المطلقة لا تكون إلا لله، وكل طاعة بعد ذلك هي فرع عن طاعة الله تعالى، ودائما ما نكرر: (لا طاعة لمخلوق في معصية الله)، وعليه فلا يحل لك شرعا نزع حجابك، ولا التبرج ولا لبس الضيق ولا الخروج به، ولا ترك الصلاة ولا ترك الصيام، ولا كل ما أوجبه الله عليك، سواء رضي الوالدان أم سخطا، فهذا دينك وتلك عقيدتك.

ثانيا: هذا الكلام الفائت لا يفهم منه جواز عصيانها في كل شيء أو حثك على عقوقهما -معاذ الله-، فأنت الأخت المسلمة التي تعلم يقينا أن من أكبر الكبائر عقوق الوالدين، وأن طاعتها في غير معصية الله واجبة، وإنما هذا الكلام لتعرفي منه حدود الطاعة ومجالاتها، فلا تنزعي الحجاب لأجل طاعتهما ظنا منك أن تفعلي ما أمرك الله! أو تلبسي ما لا يحل لك لبسه لنفس الدعوى.

ثالثا: الزواج كما تفضلت -أختنا- رزق مقسوم وقدر مكتوب، لن يوقفه مخلوق ولن يعجل به حرص حريص، وهذا المعتقد -أختنا- يريحنا كثيرا، فما قدره الله لنا سيكون، وما لم يقدره لن يكون، أما مسألة عدم رغبة الوالدة في زواجك فإننا نستبعدها، ذلك أن أعظم ما تتمناه الوالدة زواج ابنتها، بل يظل الوالدان مهمومين حتى يرزق الله ابنتهما زوجا صالحا، وعليه فلا ينبغي تحميل أهلك في هذا الأمر -تحديدا- ذنبا.

رابعا: إننا ننصحك -أختنا- بما يلي:

1- الاطمئنان التام بأن من قدره الله لك لن يكون لغيرك، وأن قدوم الخاطب في الوقت الذي حدده الله تعالى، وأن زوجك مكتوب باسمه من قبل أن يخلق الله السموات والأرض، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء)، وهذا يبعث على الطمأنينة، والمؤمن يعلم -أختنا- أن قضاء الله هو الخير للعبد، فالله لا يقضي لعبده إلا ما يصلحه، وقد علمنا القرآن أن العبد قد يتمنى الشر يحسبه خيرا، وقد يرد الخير يحسبه شرا، فقال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، وعليه: فثقي أن الاختلاط بالرجال -مع أنه محرم ولا يجو-ز كذلك لا يعجل بزواج، فلا تضعي هذا الأمر أمام ناظريك.

2- في بعض البلاد هناك البعض -وخاصة في التواصل مع من يطلق عليها في بعض البلاد (الخطابة)- لا بأس من التواصل معها أو من يحل محلها، كالمواقع التي تديرها بعض الأخوات أو الهيئات الموثوقة، مع التحفظ في البيانات، وعدم وضع صورة لك أو ما يخالف الشريعة.

3- المساجد التي تصلي فيها الأخوات مكان جيد للتعرف إلى بعض الأخوات، اللاتي وفقهن لله لمثل هذا العمل، فلا بأس من التواصل معهن أو مع المهتمين من النساء بهذا الخير، المهم أن يكون ذلك في إطار التحفظ التام، كما يجب أن يكون القلب مطمئنا بقضاء الله وقدره، وأن الله لا يقضي قضاء إلا بحكمة.

4- كذلك نود منك بالمعروف -أختنا- أن تنصحي الأهل بالصلاة والمحافظة على الصيام، انصحيهم بالمعروف ولين القول والحرص عليهم، عسى الله أن يهديهم على يديك، ولا تيأسي من روح الله، ولا تستسلمي لليأس أبدا، ففرج الله قريب، والله تعبدنا بالعمل لا بالنتائج.

الدعاء بأن يرزقك الله الزوج الصالح، واجعلي هذا في الثلث الأخير من الليل فالدعاء فيه مستجاب.

خامسا: كما نوصيك -أختنا- بما يلي:

1- الرقية الشرعية وهي موجودة على موقعنا وموجودة بالصوت، وأفضل راق للإنسان؛ نفسه.
2- قراءة سورة البقرة كل ليلة أو الاستماع إليها.
3- المحافظة على أذكار الصباح والمساء والنوم.

بهذا -أختنا- تكون متحصنة، وتكوني لله ذاكرة.

نسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرزقك من يسعدك في الدنيا والآخرة، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات