السؤال
أنا امرأة متزوجة منذ 13 سنة، ولدي خمسة أطفال، عشت طوال هذه السنوات مع زوجي بين مد وجزر، ككل العلاقات الزوجية، أحيانا بخير وأحيانا نمر بمشاكل وظروف صعبة، صبرت وكنت أحاول دائما التنازل والاعتذار من زوجي، حتى وإن كان هو المخطئ، بهدف أن تستمر الحياة.
للعلم: زوجي إنسان طيب، يحترمني، يقدرني، ويساعدني في البيت، لكن الكمال لله، أنا امرأة غيورة جدا، وكنت أظن أن زوجي إنسان متدين ويخاف الله، لكن منذ بداية زواجي وأنا ألاحظ أن زوجي أحيانا يمارس العادة السرية، أو يشاهد مقاطع إباحية، للعلم زوجي كان متزوجا امرأة نصرانية، وطلقها، وبعدها بسنتين تزوجني، المهم، كنت دائما أواجهه، لكنه كان ينكر، وفي أقل خلاف بيننا يهجرني، لاحظت من خلال مراقبتي لحاسوبه أنه يشاهد هذه الإباحية، وكان هذا من أهم أسباب مشاكلنا.
مؤخرا، منذ أربع سنوات، لاحظت أن زوجي يتكلم مع أختي في الهاتف لساعات وفي غيابي، كلما غادرت البيت لسفر لمدة قصيرة، يكلمها بالساعات، لم أكن أعتبر ذلك مهما، إلى يوم مرض أبي -الله يرحمه-، كنت أنا وأختي في البيت، وكان يكلم أختي أكثر مني، ولما أسأله لماذا لا يكلمني؟ يتعذر بأني مشغولة ويريد أن يتركني مشغولة مع أبي.
في يوم أخذت هاتف زوجي ووجدت رسائل تبدو عادية، لكنني أعرف زوجي، وكان يستعمل كلمات أعلم قصده منها، منذ ذلك الوقت وأنا أشعر أن هناك شيئا خاطئا، بعدها أخبرني زوجي أنه يريد مساعدة أختي للمجيء إلى بلدنا لمواصلة الدراسة، وأنه سيساعدها ماديا، للأمانة رفضت، لكنه حاول إقناعي، لكن -الحمد لله- لم تتيسر الأمور لها.
بعدها ذهب هو وحده في زيارة إلى أهلي بدوني، وهناك خرج هو وهي وحدهما، بهدف قضاء بعض الأغراض، وترك أخي وأمه وأمي في البيت، وذهبا فقط هما معا.
المهم، حدثت أمور كثيرة أثارت شكوكي في ذلك الوقت، قلت له: إذا كنت تريد أن نكمل معا، فلا بد من الامتناع من الحديث مع أختي أبدا، فوافق، لكن بعد مدة اكتشفت أنه يراسلها، ويتحدث معها، ورأيت الرسائل كالعادة، لكنها -والله- ليست رسائل بريئة، وقتها اتصلت بأختي وقلت لها: أرسلي لي الرسائل التي بينك وبين زوجي، بدعوى أنني أريد أن ألعب لعبة معها، فرفضت وقالت: إنها لا تريد المشاكل، حاولت إقناعها أنها لعبة فقط، لكنها رفضت.
هنا جن جنوني، أخذت هاتف زوجي وواجهته، قلت له ألم نتفق أنك لن تتحدث معها أبدا، فقام هو بكسر هاتفه وقلب الموضوع علي، وقال لي: أنت من تتجسسين علي، وأنت من تفعلين الحرام، ورفض مناقشة موضوع أختي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.
قرأت استشارتك –أختي الكريمة– كلمة كلمة، ونصيحتي تتلخص في الأمور التالية:
أولا: لا تتعجلي بطلب الطلاق، فالطلاق من شأنه أن يفرق الأسرة، ويعرض الأبناء والبنات للضياع، وآثاره السيئة لا تخفى على أحد.
ثانيا: واضح جدا –أختي الكريمة– أنك تعانين من شدة الغيرة، وأن هذه الغيرة دفعتك إلى أن تمارسي مع زوجك بعض الممارسات الخاطئة، منها: التجسس على أموره الخاصة التي يريد سترها ويكره اطلاعك عليها، وهذا من شأنه أن يوجد بينكما النفرة، كما أن فضح المستور وهتك الحجاب الذي يحاول الزوج أن يقيمه ليغطي به بعض الأمور، من شأنه أن يوجد حالة من العناد من قبل الزوج، فليس من مصلحتك ولا من مصلحة الزوج محاولتك الاطلاع على ما يريد إخفاءه.
والحل الأمثل في هذه الأحوال هو التغاضي والتغافل، مع محاولات العلاج في تخليص الزوج مما هو فيه، بطريق غير مباشر، فمن النافع جدا لك ولزوجك أن تهتمي وتعتني وتحاولي رفع المستوى الإيماني للأسرة، فتحاولي إصلاح نفسك وإصلاح زوجك، وتقوية الصلة والعلاقة بالله سبحانه وتعالى، فإن الإيمان هو القيد الحقيقي لهذا الإنسان عن ممارسة أي أفعال محرمة، سواء كان في العلن أو في الخفاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الإيمان قيد الفتك).
فالشيء النافع الذي يفيدك في دنياك وفي آخرتك، ويفيد زوجك أيضا ويحافظ على أسرتك؛ هو السعي الجاد نحو الترقي الإيماني لك ولزوجك، من خلال الأنشطة الإيمانية داخل البيت، فإذا توجهت نحو هذا الطريق فإنك بإذن الله تعالى ستكسبين سعادة الدنيا والآخرة.
فحاولي إصلاح زوجك وإصلاح نفسك من خلال المحافظة على الصلوات، ودعوة زوجك للجلسات الإيمانية التي يستمع فيها إلى ذكر الجنة وما فيها من الثواب للمحسنين الطائعين، وذكر النار وما فيها من العقاب الأليم للعاصين، والمواعظ التي تذكر بلقاء الله تعالى وأهوال القيامة، ونشر الأعمال يوم الحساب أمام الأشهاد ... ونحو ذلك من الكلمات التي من شأنها أن توقظ الضمير وتصلح القلب، فإذا حصل هذا المقصود فإنك ستستريحين من أشياء كثيرة.
كما نوصيك أيضا بمحاولة إيجاد علاقات طيبة مع الأسر التي فيها رجال متدينون يتأثر بهم زوجك، فيصلح حاله.
فهذه الأعمال من شأنها أن تثمر ثمرة طيبة، وهي خير لك من الانشغال والانجرار وراء التجسس على أمور يرغب الزوج في إخفائها، ثم مواجهته صراحة بها، فهذا التجسس لا يزيد الأمور بينكما إلا تنافرا.
أما أختك فيمكنك أيضا مناصحتها واستمالة قلبها بتذكيرها بأن ما تفعله قد يؤدي إلى هدم أسرتك أنت وتضييع أولادك، وتذكيرها بالله سبحانه وتعالى، وبعقابه للمعاصي وأهلها، وأن تحاولي الاستعانة بالأقارب الذين يؤثرون على أختك في نصحها وتوجيهها، كما أن من المناسب جدا أن تسعي في تزويجها وإعانتها على ذلك، ففي ذلك نفع لك ولها.
هذه الأدوات والوسائل التي ذكرناها لك –أختنا الكريمة– من شأنها بإذن الله تعالى أن تغير الحال، فأكثري من دعاء الله سبحانه وتعالى، وسؤاله أن يهديك ويهدي قلب زوجك، ويحفظ لك أسرتك.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرد زوجك إلى الحق ردا جميلا، ويحفظ عليك أسرتك.