السؤال
السلام عليكم.
منذ سنتين آذاني شخص في مكان عملي، مما جعلني أترك العمل، على الرغم من حاجتي للنقود، ومؤمنة أن الله سيعوضني، ولكن مضت سنتان ولم يتغير حالي، وأبحث عن عمل فلا أجد، أو يكون المرتب ضعيفا.
أنا أصلي، وأذكر الله، وأستغفر، وأقرأ القرآن، وأقوم الليل، ولكن حالي متوقف، بينما الذي آذاني تسير أموره على أحسن حال، أشعر بالحزن، ودائما ما يصيبني الأرق، وأحتاج لنصحكم كيف أتخطى هذا الابتلاء؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Hoda حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك، وبعد:
فاللهم لك الحمد على العافية في الدين، ولك الحمد على العافية في البدن، ولك الحمد على العافية في الأهل، ولك الحمد على العافية من الظلم، ولك الحمد أن تفضلت علي فجعلتني مظلومة لا ظالمة، وطالبة حق لا طالبة باطل.
هذا الدعاء ينبغي أن يظل على لسانك -أختنا الكريمة-، فقد عافاك الله من كثير مما ابتلى به غيرك، ولو تأملت ما يصلنا من رسائل لعلمت فضل الله عليك.
هذه أخت ابتلاها الله في ابنتها، مصابة بمرض نادر في الدم، وهي تعمل في النهار، وخادمة في بعض البيوت في الليل حسب الطلب، لا لأجل أن تجمع المال، ولكن لأجل أن تجمع ثمن الدواء، ولك أن تتخيلي هذا الإرهاق، وذاك الصبر، وهي تراسلنا، وهي صابرة محتسبة؛ لأنها تعلم أن الدنيا دار ابتلاء، والآخرة هي المستقر، فهنيئا لمن تعب هنا، وارتاح هناك، والويل كل الويل لمن ظلم ولم يحاسبه الله في الدنيا.
ونحن هنا نريدك أن تستمعي لنا -أيتها الكريمة-: يقول -صلى الله عليه وسلم-: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وهذا يعني أن الظالم حين ترتفع درجته ويكثر ماله، فإن هذا من إمهال الله له، لكن الله لا ينساه قط، أما سمعت قول الله تعالى: {ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى} [فاطر: 45]، وقوله تعالى: {وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير} [الحج: 48]، وقوله تعالى: {وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب} [الكهف: 58].
فلا يغرنك علو أهل الظلم، بل هذه علامة على بغض الله تعالى لهم، وحسابهم لاشك قادم.
أما أنت -أيتها الفاضلة- فيصبرك ما يلي:
1- علمك بأن الله اختار لك الخير، وأن الله قد رفع عنك من الأضرار ما هو أعظم من ذلك، والنظر إلى أهل الابتلاء الأشد حالا منك، فإن هذا مما يهون المصاعب، ويقلل المتاعب.
2- التطلع إلى أجر الصابرين والنظر في عاقبتهم، ومن ذلك أن الله وعدهم أنه يوفيهم أجرهم بغير حساب {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}، [الزمر: 10]، أي: بغير حد ولا عد ولا مقدار.
وكذلك معية الله تعالى كما قال : {إن الله مع الصابرين} [البقرة: 153]، ثم عليهم صلوات الله ورحماته {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين* الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون } [البقرة: 155 - 157].
ثم إن عاقبة أمورك إلى خير -بإذن الله-؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" وقد نبه -صلى الله عليه وسلم- على فضل من يبتليه الله فقال: "من يرد الله به خيرا، يصب منه".
هذا يطمئنك -أختنا- ويصبرك، فابذلي كل الأسباب، وتوكلي على الله، وثقي أن الله سيجعل لك من كل ضيق فرجا ومخرجا.
نسأل الله أن يوفقك، وأن يبارك فيك، والله الموفق.