السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
خرجت من بيت زوجي دون علمه؛ لكثرة خيانته لي، فهو يحادث النساء، ويقوم بأفعال غير أخلاقية معهن من خلال الهاتف، أنا متضررة جدا، ففي الخلاف الحاصل كان قد طردني من البيت، لكني لم أخرج منه، لكنه في اليوم الثاني عامل ابني بشكل قاس، فغضبت منه وخرجت من البيت دون علمه، وإلى الآن لم يأت ليصالحني ويعيدني للبيت، ولا هو طلقني، ورفض التعامل مع أهلي، ويشتمني ويشتم أهلي، بالرغم من أن أهلي لم يفعلوا له شيئا! ويتهمني بالنشوز، وكل ما فعلته هو أني خرجت من المنزل بما علي من لباس، ولم آخذ معي شيئا، حتى ذهبي لم آخذه، وقال لي: بأنه أخذه، وبأنه لم يعد لي.
وكلما كلمني يقول لي: لن تجدي مني أي ود! وأنا عندي ولد منه، وحامل بالطفل الثاني، وقد أصبت بسكر الحمل؛ بسبب كثرة الزعل، وهو لا يهتم لذلك أبدا، لكني عندما أخبرته بأن سكر الحمل خطر على الجنين، قال لي: أنت أهم من الجنين، فسألته: أهم عند من؟ قال: عندي، فاستغربت، وقلت له: كيف أكون مهمة عندك وأنت بالفعل غير مهتم بي ولا بولدي ولا تسأل عنا، وقد أكلت حقي، هل تضحك علي؟ فصرخ علي وقال: لن تجدي مني أي ود كذلك، هل تعتقدين بأنك ستلوين ذراعي؟ فقلت له: أنا المتضررة منك ولست أنت، وعلى كل حال فأنا لم أعد أحتاج منك أي شيء، وانتهى الكلام.
سؤالي: ماذا علي أن أفعل؟ هل أطلب الطلاق؟ هو يرفض الطلاق، ويقول لي: اطلبي من والدك رفع قضية طلاق، وأنا أرفض ذلك؛ لأني أخشى من أن يدخل أولادي المحاكم، فماذا علي أن أفعل؟ علما بأن خياناته متكررة!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى أن يصلح ما بينك وبين زوجك، ويديم المحبة والألفة بينكما.
ثانيا: نود أن نذكرك -ابنتنا الكريمة- بأن الحياة الزوجية لا بد وأن يدخلها كثير من الخلاف، ولذلك تحتاج منك إلى الكثير من الصبر، والمزيد من التضحية، والحياة المادية في هذه الأيام لا يخفى عليك شأنها وحالها، والأوضاع الاقتصادية والمادية التي يعيشها كثير من الأزواج يعود عليهم بالتأثير السلبي على حياتهم الاجتماعية، ومنها حياتهم مع زوجاتهم وأبنائهم، ولهذا لا بد من أن تكون الزوجة متحلية بقدر كبير من الصبر، والله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا، والصبر دائما لا يأتي إلا بعواقب حسنة، وكما قال الشاعر:
الصبر مثل اسمه مر مذاقته ... لكن عواقبه أحلى من العسل
ونحن نرى -أيتها البنت الكريمة- أن زوجك لا يزال فيه خير كثير، ولا يزال حريصا عليك، ولذلك يسمعك أحيانا كلمات جميلة تعبر عن حبه لك وعلو مقدارك عنده، وفي الوقت نفسه قد يستعمل عبارات أخرى فيها نوع من التهديد ليردك عن قراراتك التي فيها ابتعاد عنه وعن الأسرة.
وننصحك -ابنتنا العزيزة- بأن تحاولي أن تبادلي زوجك المشاعر الإيجابية، وأن تكظمي غيظك وتصبري على زوجك، فالكلمة الحسنة جعلها الله تعالى مفتاحا للقلوب، تحول العدو صديقا، كما قال الله تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}، فعباراتك الجميلة لزوجك، وتعبيرك عن حبك له، وعدم قدرتك على فراقه والتضحية به، ونحو ذلك من الكلام الجميل لا بد أنه سيترك أثرا طيبا في نفس الزوج.
وأما ما تعانين منه من وقوع زوجك في مخالفات شرعية وارتكابه لبعض الآثام والمعاصي؛ فنصيحتنا لك أن تجعلي غيرتك أولا للدين وغضبك من أجل الله ومن أجل ارتكاب المعصية، وليس من أجل نفسك، حتى يسهل الله تعالى عليك إصلاح أحوال زوجك، فهذه الحال التي يقع فيها الزوج هي داعية بلا شك إلى ضرورة مساعدته وإعانته للتخلص منها، وهذا يتطلب منك جهدا كبيرا، أولها الصبر على الزوج.
ثانيا: محاولة إغنائه وإقناعه عن التطلع إلى النساء بأن تقومي بدورك كامرأة داخل البيت، من حسن التجمل والتزين والتبعل لزوجك.
وثالثا: أن تحاولي رفع المستوى الإيماني لديه، فتذكريه بطرق مباشرة أو غير مباشرة بالجنة وما فيها من الثواب للطائعين، وتذكريه بالنار وما فيها من العقاب للعاصين، حاولي أن تسمعيه المواعظ التي تذكره بلقاء الله والوقوف بين يديه، وظلمات القبر وشدته؛ فإن الإيمان إذا ارتفع مستواه في قلب الإنسان كان حاميا له من الوقوع في الذنوب والآثام، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الإيمان قيد الفتك).
ثم ننصحك أيضا بأن تحاولي إنشاء علاقات أسرية مع الأسر التي فيها رجال صالحون يتأثر بهم؛ فإن الصاحب ساحب، و(المرء على دين خليله)، كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
وخير ما نوصيك به اللجوء إلى الله تعالى والدعاء باضطرار وصدق أن يصلحك ويصلح زوجك ويصلح أسرتك، فإن الله تعالى لا يعجزه شيء.
نصيحتنا لك -ابنتنا الكريمة- أن تسارعي بالتصالح مع زوجك، وترك هذا الهجران، والرجوع إلى بيتك، والصبر على زوجك، فهذا خير لك بلا شك من حال التباعد والتهاجر، وننتظر منك -إن شاء الله- في الأيام القادمة أخبارا سارة عن تغير الحال إلى ما هو أفضل وأحسن.
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.