السؤال
السلام عليكم.
عمري 24 سنة، أعيش في الريف، ووضعي المادي والتعليمي أحسن بكثير ممن يقطنون في المدن، دائما أشعر بأن أعين الناس متجهة نحوي أنا وأخواتي، على الرغم من أنني لم أنظر يوما لأحد.
تخرجت منذ سنتين، وأنهيت الماجستير، ولكني لم أعمل حتى الآن، ولم يتقدم لخطبتي أحد، على الرغم من أنني على قدر من الجمال والأخلاق، وأحافظ على أداء فروضي، وقراءة القرآن، ودائما أحلم بالعفاريت والثعابين في بيتنا القديم، وبيتنا لا يخلو من المشاكل، كما أن أبي خسر أموالا كثيرة، فما سبب كل هذا؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورهان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبعد:
أختنا الفاضلة: إننا هنا نتفهم تماما طبيعة المرحلة التي تمرين بها، وما تفرضه العاطفة على فتاة في مثل عمرك من تطلع لمشروع الزواج، وهذا أمر فطري، ولا حرج في التفكير فيه، ولا غرابة.
أختنا: إننا لو أعدنا النظر في حديثك نجد أنه يتمحور حول ما يلي:
- الظن بتأخر في الزواج.
- الشعور بالحسد أو العين، مع رؤية أحلام مفزعة.
- تعثرات مادية عند الوالد.
أولا: من خلال ما يردنا من رسائل فسنك ليس متأخرا؛ فهناك من تراسلنا وهي في عمر 35 سنة، وبعضهن في 40 من العمر، ونحن نقول لهن: إن الزواج قدر مقسوم، ورزق مكتوب، وما كتبه الله لك سيكون لا محالة، وهذا الاعتقاد وحده كاف في ذهاب التوتر النفسي الحاصل، وسكون القلب، والبشرى بموعود الله تعالى، مع احتساب الأجر هو طليعة هذا الاعتقاد؛ فعن عبد الله بن عمرو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" فرغ الله تعالى من مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء " هذا نذكره لك -أختنا الكريمة- حتى تطمئني وتعلمي أن الأمور مقدرة ومكتوبة، وأن عليك بذل الأسباب فقط، والله يتولى الأمر على ما يحب، ويرضى ما فيه الصالح لك.
ثانيا: أنت في منتصف العشرين من عمرك، وهذا يعني أنك لا زلت صغيرة، وأن الأمور في نطاق الممكن، فلا تقلقي، فالأمور عند الله مقدرة ومحسوبة، والعبد قد يتمنى الشر يحسبه خيرا، ويرفض الخير يحسبه شرا، ولا يدري، وهذا بعض قول الله تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، فالله أعلم أي الأمور أفضل لك، ولذا وجب عليك أن تسلمي الأمر لله خالصا، وأن تثقي في عطاء الله، وأن تستعيني على ما تريدين بالدعاء، والإلحاح على الله، ولا تيأسي من روح الله، واحذري أن تطلبي ما أحل الله بما حرم الله، أو أن تستمطري غضب الله بالاعتراض عليه.
ثالثا: المؤمن يدرك أن الابتلاء سنة الله في الحياة؛ فالدنيا طبعت على الكدر والتعب، لأنها دار امتحان، وأما الآخرة فهي دار الجزاء والعدل، ويبتلي الله الناس في الدنيا، فيظهر إيمان الصادق من الكاذب، ويثبت أهل الحق، ويزيغ أهل الباطل، فالبعض يبتلى بالمرض، وغيرهم يبتلى بالعافية، وآخر بلاؤه في فقره، ورابع البلاء في غناه، والجميع مبتلى ولا بد، والمؤمن من بين هؤلاء جميعا هو المطمئن كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرا له)، هو الوحيد من بين الناس الذي يجد النعيم في قضاء الله بالرضا والتسليم، وهذا لا يدعونا إلى الكسل وترك العمل، وإزالة الهموم، ولكن يدعونا بعد بذل الجهد، والأخذ بالأسباب إلى الرضا بما قدر الله وقضى، والإيمان الجازم بأن هذا هو الخير لا محالة.
رابعا: ليس عيبا أن تبحث أمك لك، بل وحتى والدك عن رجل صالح، وقد كان هذا منهج سلفنا -رضي الله عنهم-، وفي قصة سعيد بن المسيب -رحمه الله- موعظة كبيرة لكل الآباء، والشاهد أن إحدى وسائل الزواج أن يبحث الأهل، أو على الأقل أن تخبري والدتك، وهي تخبر والدك، وتبحث معه، وهذا أمر لا حرج فيه.
خامسا: تعرفي إلى بعض الأخوات الصالحات المتدينات في المساجد؛ فإن التعارف وسيلة أداة جيدة لطرق باب الزواج.
سادسا: وكلي الأمر في الخاتمة لله عز وجل، واعلمي أن قدرك سيأتيك، وأكثري من الدعاء، وإنا نسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في الدنيا والآخرة، والله الموفق.
أما بالنسبة للأحلام السيئة، وما تشعرين به من نظرات من حولك: فاعلمي أن الأذكار حصن حصين، وأنك متى ما التزمت بها فإن شيئا لا يضرك -بإذن الله-، فحافظي على الأذكار، والرقية الشرعية، وقراءة سورة البقرة كل ليلة في البيت، أو الاستماع لها؛ فإن هذا كاف بأمر الله، وبالنسبة للغرفة، فيمكنك تغييرها بالكلية، أو تغيير الأثاث فيها، مع المداومة على الأذكار.
وأما بالنسبة للتعثرات المادية: فهذا واقع ومشاهد على الجميع، والوالد يمكنه أن يستشير أهل الاختصاص في الأسباب التي أدت به إلى ذلك، وعليه بالدعاء أن يفرج الله الهم، مع الأخذ بكل الأسباب الممكنة.
نسأل الله أن يصلح حالكم، وأن يرزقكم الثبات على الحق، والله المستعان.