السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولا: أحمد الله على أني وجدت قسم الاستشارات في الموقع، بعد أن كنت أبحث عنه لسنوات فلم أجده.
ثانيا: أخاف من أن تكون فطرتي قد انتكست بعد أن أدمنت المواقع الإباحية، فأنا لا أستطيع أن آمر بالمعروف ولا أن أنهى عن المنكر، وأصابني الوسواس القهري الكفري، وأشك في صحة إيماني، وأصبحت حياتي هشة، وكذلك الملل والخمول، ولم أستطع قراءة القرآن؛ بسبب الوسواس.
سؤالي: أنا على هذه الحالة، وأريد العودة والرجوع إلى ربي، إلى فطرتي، إلى نفسي! فكيف ذلك؟
ساعدوني، بارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ابن محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبعد:
فإنا كذلك نرحب بوجودك، ونسعد بتواجدك معنا، قد أحسنت حين سألت هذا السؤال طمعا في العودة إلى الفطرة النقية، والعلاقة الرضية، والحياة السعيدة، فما أجمل الحياة في الطاعة، وما أشقاها في المعصية، ومن أعرض عن ذكر الله فإن معيشته لا شك ضنكا.
أخي الكريم: إن أول البداية الصحيحة ثلاث:
1- أن يعترف الإنسان بتقصيره، وأن يحدد أسباب ذلك.
2- أن يبصر هدفه وكيف يسعى إليه.
3- أن يصبر على وعورة الطريق.
هذه الثلاث متى ما تحققت في أحد، فإن عودته إلى فطرته صارت قريبة.
الأخ الكريم: إن أول درجات الارتقاء تكمن في قاعدة ذهبية ذكرها أهل العلم مفادها: (التخلية قبل التحلية)، وهذا يعني أن الإنسان الصادق مع الله المريد للترقي عليه ابتداء أن يتخلص من شوائب المعاصي، حتى ينطلق القلب انطلاقته إلى الله سالما.
وقد أوضحت -أخي- مشكلتك وهذا أول العلاج، بقي أن نضع لك بعض العناصر:
أولا: لا تيأس من رحمة الله، ولا تسمح للشيطان بأن يقنطك أو يشعرك بالعجز. أخي: إننا نؤكد لك قدرتك على التخلص من هذا الوباء كما تخلص منه آخرون كثر، المهم ألا تكون منهزما أمام نفسك، بل أنت قوي بالله -عز وجل-، ثم بإرادتك وصبرك، فإذا تولد عندك هذا الاقتناع الحقيقي فقد تجاوزت مرحلة كبرى في تغيير حياتك، وما لم يتم الاقتناع الداخلي، فإن العلاج سيكون ناقصا غير كامل.
ثانيا: اعلم أن لكل معصية أسبابا دافعة لها متى ما أزيلت هان العلاج، فانظر -رحمك الله- إلى تلك الأسباب التي تجعلك تقع في تلك المعصية واعمل على إزالتها، ونحن ومن خلال الاستقراء سنحدد لك بعضها، وعليك النظر فيها:
1- وجود الفراغ الكبير.
2- وجود المثيرات حولك أو اطلاعك عليها.
3- الخلوة الدائمة.
4- العزلة الاجتماعية.
5- غياب الأهداف الجزئية أو الكلية.
انظر في هذه الأسباب ولعل عندك غيرها، واعمد إلى كتابتها، ثم كتابة منهج في التخلص منها.
ثالثا: اعلم -أخي الكريم- أن الشهوة لا تموت بالعادة السرية، بل تزيدها اشتعالا، فهي إناء كلما شربت منه ازددت عطشا، واعلم أنه كلما قوي الوازع الشهواني كلما تكاثر ونما بداخلك حبك له وحرصك عليه، حتى يؤدي بك -عياذا بالله- إلى التهلكة، وإننا ندعوك أن تدخل على موقعنا لتقرأ عن أضرار العادة السرية المحرمة البدنية، وكيف أن البعض ممن أدمن عليها وجد صعوبة بالغة في حياته، وحتى بعد الزواج حتى آل الأمر ببعض الأخوات إلى الطلاق -والعياذ بالله-.
لذلك كن على يقين بأن ما يطفئ الشهوة هو مواجهتها بالمنهج العلمي، والرياضة البدنية، والرقابة الإلهية، ودون ذلك عبث.
رابعا: بعد التخلية عليك بالتحلية، ونحن نجملها لك فيما يلي:
1- زيادة معدل التدين عن طريق الصلاة (الفرائض والنوافل) والأذكار، وصلاة الليل، وكثرة التذلل لله عز وجل، فالشهوة لا تقوى إلا في غياب المحافظة على الصلاة، قال الله -عز وجل-: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات)، فكل من اتبع الشهوة يعلم أنه ابتعد عن الصلاة، وبالعكس كل من اتبع الصلاة وحافظ عليها وأداها كما أمره الله أعانه الله على شهوته، ثم اعلم أن كثرة النوافل سلم الارتقاء إلى الله، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعـطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه}.
2- اجتهد في الإكثار من الصيام، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم، فإنه له وجاء).
3- مارس نوعا من أنواع الرياضة، وحافظ على ذلك، فالرياضة لها فوائدها الجمة على الصحة العاملة وغيرها، وهي كذلك تسلمك من الفراغ، وتجنبك البقاء وحدك فترات طويلة.
4- اعمد إلى اختيار أصدقاء لك بعناية تامة، فإن المرء قوي بإخوانه ضعيف بنفسه، والذئب يأكل من الغنم القاصية، فاجتهد في التعرف عليهم، وحاول أن تقضي أكثر الأوقات المتاحة لك ولهم في الطاعة، والعبادة، والعمل المجتمعي.
ثم جاهد نفسك وصبرها، وإن تعثرت خطاك فوقعت بعد قيام، فابدأ من جديد، وجدد العزم، ولا تيأس من روح الله -عز وجل-، واستكثر من الدعاء أن يصرف الله عنك الشر، وأن يقوي إيمانك، وأن يحفظك ويحفظ أهلك من كل مكروه، والله المستعان.