السؤال
السلام عليكم.
استخرت الله في الانتقال للإقامة في مكان أفضل مما كنت أعيش فيه أنا وأسرتي، وتيسرت الأمور، ونقلت أيضا مكان عملي لذات البلد، ولكن منذ أن وصلت وأنا أشعر بحزن، وعدم ارتياح أو تأقلم، فاضطررت أن أحصل على إجازة من عملي بسبب عدم ارتياحي وتأقلمي في العمل الجديد، وزاد ذلك من سوء حالتي النفسية.
وقد مرت ٦ أشهر ولم أتأقلم، بل على العكس زادت حالتي النفسية سوءا جدا، وأشعر بالاكتئاب، والعزلة، وعدم الرغبة في ممارسة أي نشاط في هذا البلد، وأصبح التفكير المسيطر علي، والرغبة الملحة هي العودة مرة أخرى لمكان إقامتي القديم؛ لأني لم أعد أطيق البقاء في البلدة الجديدة.
فهل العودة مرة أخرى من حيث أتيت فيها اعتراض على قضاء الله بعدما استخرت وتوكلت عليه؟ أم أن الأمر يتوقف على الراحة النفسية للمكان والعيش فيه؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
استخارتك قبل الفعل تدل على أن الله اختار لك الخير لحكمة يعلمها، فقد يكون هذا الخير في الإقامة الدائمة في هذا المكان، وقد يكون في الإقامة المؤقتة، وقد يكون عكس ذلك، وعليه فالانتقال بعد دراسة الأسباب، والاختيار الجيد، ثم الاستخارة مرة أخرى لا يدل على الاعتراض على قضاء الله ولا قدره.
ثانيا: نرجو منك البحث عن الأسباب الحقيقية لعدم الراحة النفسية، ومناقشة تلك الأسباب؛ فبعض الناس -أخي الكريم- يضيق صدره بابتعاده عن أصحابه، وبيته، وحارته، ويظل هكذا ضائق الصدر لعدم وجودهم بجواره، حتى لو كان المكان المنتقل إليه أفضل منه.
وبعض الناس اجتماعي بطبعه، فإذا انتقل إلى مكان ولو كان غيره أفضل، ولم يجد ما يسد هذا الجانب ضاق صدره؛ وعليه فلا بد من معرفة الأسباب التي دفعتك إلى ضيق الصدر.
ثالثا: دراسة إيجابيات المكان الذي أنت فيه مع السلبيات، فإن وجدت الإيجابيات أكثر، وعرفت مواطن ضيق الصدر، فلا حرج عليك بعد ذلك في إزالة تلك المواطن، وإعطاء نفسك فرصة أخيرة للتقييم.
رابعا: إن وجدت سلبيات المقام أكثر، أو كان تدينك في الموطن القديم أكثر، فإننا ننصحك بالاستخارة، ثم الرجوع فورا.
أخي الكريم: لماذا نقول لك دراسة الإيجابيات والسلبيات، ومعرفة أسباب ضيقة الصدر؟ لأن الشيطان يعمد أحيانا إذا وجد خيرا للإنسان في تنفيره من المكان، وإصابته بما يمكن تسميته: (ضيقة الصدر)، وإذا عاد إلى ما كان عليه ندم؛ فلا العودة إلى ما كان عليه صحيحة، ولا البقاء في مكانه الأول مريح، وهنا تكون المأساة أكبر.
لأجل ذلك، ننصحك بالتأني، ودراسة الأسباب، ومن ثم الاستخارة، وبعد ذلك ما يقضيه الله لك هو الخير -بإذن الله-، وليس الرجوع إلى موطنك الأول فيه اعتراض على قدر الله، فاطمئن.
نسأل الله أن يوفقك لكل خير، والله المستعان.