فقدت الكثير من المزايا في عملي بسبب ذنوبي، فماذا أفعل؟

0 2

السؤال

نشأت في أسرة متوسطة تميل إلى الفقر، غير متدينة، ولم يعلمني والداي الصلاة أو الدين، كنت فقط أحلم بالمال والثراء، للتخلص من الفقر والحرمان، وأكملت تعليمي، وبدأت في استغلال ذكائي للحصول على المال، ولا يهم من أي طريق!

التحقت بالعمل في مركز مرموق، بدأت أتربح من هذه الوظيفة، ولكن في توافه الأمور، مثل أن أسرق دباسة أو رزمة ورق، يمكن نقول: إنه جشع، وعين فارغة.

بعد مضي 18 سنة في هذه الوظيفة ذات الراتب الكبير، استطعت تكوين ثروة معقولة، وشقة ممتازة، وسيارة، والقليل من المال في البنك، ثم جاء قرار نقلي إلى مكان أسوأ، ومزايا أقل، ومن وقتها وأنا أشعر أن ربي عاقبني على عدم صلاتي كل هذه السنوات، وبدأت أصلي وأتقرب إلى الله، وأطلب السماح والغفران.

فهل ما حدث لي هو غضب من الله سبحانه وتعالى؟ هل أصبحت من المغضوب عليهم، أم أن هناك أملا في أن يفرج الله عني، وأعود كما كنت؟ عندما كنت أتنعم في نعيم الله لم أشكره أو أسجد له، أما الآن فإن نعمة الله لم تزل، وإنما الوظيفة أقل والراتب أقل، وأنا الآن أحافظ على الصلاة ومجاهدة النفس.

ماذا أفعل؟ وماذا علي أن أفعل؟ فأنا أعيش في اكتئاب كبير، فأنا أخاف من الله، وأخاف أن يكون ما حدث غضب من الله، وعقاب على ما كنت أفعله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الفاضل- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

أخي العزيز: لا شك في أن المعاصي والذنوب من أعظم أسباب محق بركة الرزق وقلة التوفيق، وملازمة الحزن والقلق في النفس، يقول الله تعالى: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).

كما أن المعاصي والذنوب تسبب الخوف والحزن الدائم في القلب، حتى وإن عاش العاصي لذة المعصية قليلا، فإن القلب بعد ذهاب لذة المعصية، يعيش في ظلام وقلق وندم، يقول تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى).

لذلك -أخي الكريم- عليك أن تبادر بالتوبة النصوح، ما دام في العمر متسع، والله يغفر الذنب ويقبل التوب، إذا صدق العبد وأخلص لله، واجتهد في تحقيق شروط التوبة الثلاثة، وهي الإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العودة إليه، وهناك شرط رابع، وهو التحلل من حقوق الناس، فإن كان في ذمتك حق للآخرين، فلا بد من أن تتحلل منهم، بإرجاع هذه الأموال المسروقة إلى أصحابها، بأي طريقة كانت، بحيث لا تسبب لك مشاكل أو مفاسد أعظم، وهذا من كمال التوبة وشرط قبولها، فالله يقول بعد بيان عقوبة السارق: (فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم).

لا بد أن تصلح ما أفسدته بقدر استطاعتك، وجاء في الحديث، (من كانت له مظلمة لأحد من عرض أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه)، فما دام أن الجهة التي سرقت منها معلومة ومقدار المال معلوم، والمال موجود، فبادر إلى إعادته لأصحابه بأي طريقة، ولا يشترط أن تفضح نفسك أو تبوح لأحد بهذا الذنب، ويمكن أن تستخدم أي وسيلة لإيصال المال لأهله، دون أن يعلم أحد من الناس.

أخي العزيز: ليكن أملك بالله كبيرا، فالله يقبل التوبة مهما كانت الذنوب، ويفرح بتوبة عبده ويعينه على التوبة، وكن على يقين أن الله سيفتح لك أبواب الحلال والخير والزرق الطيب، الذي يغنيك عن الحرام، فكل نعيم كان بالمال الحرام هو استدراج من الشيطان، وسعادة تعقبها عقوبة.

بادر إلى التوبة والاجتهاد في الأعمال الصالحة، وأكثر من قراءة القرآن وذكر الله تعالى، فإن الذكر يشرح الصدر، يقول تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، واجعل في قلبك الندم على ما كان منك، واجتهد أن تتوب توبة نصوحا، ويجب أن تتحلل من حقوق الناس التي حصلت عليها من غير وجه حق، لتصلح توبتك إلى الله، وهذا لا شك أنه بلاء عظيم، ولكن إن صدقت في التوبة ورغبت فيما عند الله، فإن الله خير وأبقى.

أسأل الله أن يتوب عليك، ويغفر ذنبك ويشرح صدرك للخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات