السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستشيركم في أمر الزواج -بارك الله فيكم-.
في بلادي 90% من أماكن العمل مختلطة، والنساء يشترطن العمل بشكل أساسي لقبول الزواج، حتى صار العمل مقدما على الزواج، لكنني ما زلت أرفض أن تعمل زوجتي في مكان مختلط، وكلما تقدمت لفتاة نفترق لهذا السبب، فقد عمرت رؤوس الفتيات بضرورة العمل تحت أي ظرف كان؛ خوفا من الطلاق والفقر، أو لطلب المكانة الاجتماعية، مع العلم أن دخلي محدود فأنا إمام مسجد، وأسعى ما استطعت لتحسين دخلي تحت مظلة الشرع.
في الآونة الأخيرة وقعت تحت ضغط عائلتي، وإصرارهم للتنازل وقبول المرأة العاملة، وأنا مصر على رأيي، وقلت لهم: لو مت أعزب فلن أرضى باختلاط أهلي مع الرجال.
هل يفضل اشتراط النقاب قبل الزواج، أم يخفي الرجل رغبته ثم يلزم به زوجته بعد الزواج؟ لأن النساء في بلادي لا يفضلنه، وقد لا يحصل التفاهم بيننا بسببه.
بارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رياض حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وأن يرزقك الزوجة الصالحة البرة التقية النقية، إنه جواد كريم بر رحيم.
أخي الفاضل: لن تعدم الخير إذا طلبته، وقد ذكرت أن 90 % من البنات يعملن أو يطلبن العمل، وعليه فقد بقي 10%، وقد تجد منهن من تريد، لذا عليك ابتداء البحث عن زوجة ترضيك من ناحية تدينها وأخلاقها وجمالها، وعليه فإننا ننصحك بما يلي:
أولا: حدد ماذا تريد، وابحث في المكان الذي هو مظنة ما تريد، وعليه فلا بد من توسيع دائرة البحث على أن يدور في العشرة بالمائة الباقية، وأن يكون الاختيار وفق الضوابط الشرعية، وأن يسبق العقد استشارة أهل الصلاح، واستخارة الله عز وجل.
ثانيا: إذا كان العمل لا بد منه، وليس عندك اعتراض عليه، والمشكلة كامنة في الاختلاط، وهذا بالطبع حقك، فإننا ننصحك أن تبحث عن زوجة دارسة لعلوم الشريعة، فهذه ستجد بينك وبينها أرضية مشتركة، ويمكنها أن تعمل في مراكز تحفيظ النساء، أو في مدارس البنات، وبهذا تكون قد جمعت بين عمل المرأة المنضبط شرعا، مع عدم الوقوع في المحظور المحرم.
ثالثا: النقاب كما لا يخفاك مختلف فيه، مذهب الإمام أحمد والصحيح من مذهب الشافعي، أنه يجب على المرأة ستر وجهها وكفيها أمام الرجال الأجانب؛ لأن الوجه والكفين عورة بالنسبة للنظر.
ومذهب أبي حنيفة ومالك أن تغطيتهما غير واجبة، بل مستحبة، لكن أفتى علماء الحنفية والمالكية منذ زمن بعيد أنه يجب عليها سترهما، عند خوف الفتنة بها أو عليها، والمراد بالفتنة بها: أن تكون المرأة ذات جمال فائق، والمراد بخوف الفتنة عليها أن يفسد الزمان، بكثرة الفساد وانتشار الفساق، وعلى هذا يمكن أن يقال إن فقهاء المذاهب الأربعة متفقون على وجوب ستر وجه المرأة، عند خوف الفتنة وفساد الزمن، ومختلفون في حالة الأمن.
وعليه: فإننا لا ننصحك أن تبدأ الحديث مع من أردتها زوجة -في ظل المجتمع الذي تتحدث عنه- بمسألة النقاب، ولكن اختر من تعارض الفكرة من أساسها مع إيمانها بضرورته، فهذه أيسر عليك بعد الزواج إقناعها بدون أي مشاكل، هذا بالطبع إذا لم تجد ابتداء فتاة منقبة.
نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يرزقك الزوجة الصالحة، والله الموفق.