السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
أنا شاب، عمري 28 عاما، كنت أصلي منذ فترة طويلة، وكنت مواظبا جدا على الفروض كلها، وكنت أحب الصلاة كثيرا، وأشعر بالندم إذا فاتني فرض، كانت حياتي في أحسن حال، وكان تديني قويا، لكن حاليا لم أعد أصلي منذ فترة طويلة، وحياتي أصبحت صعبة مليئة بالمشاكل، وأموري ليست ميسرة على الإطلاق.
عملي في تجارة الملابس، وكل فترة أواجه صعوبات فيه، أمور الزواج لا أستطيع فعل شيء بشأنها.
عندما أقول: سأبدأ الصلاة وأقترب من الله، أتكاسل ولا أستطيع فعل شيء، حتى إذا صليت، لا أشعر بالخشوع إطلاقا، وكأنني أصلي فقط للشكل، لا أريد ذلك، أريد أن أعود كما كنت في السابق، أريد أن أصلي وأشعر بالصلاة وأهتم وأقترب من الله كثيرا، أريد حياتي أن تكون مرضية لله، وأتمنى عندما أسجد أن أشعر بالخشوع والندم.
أريد أن ييسر الله أموري لأتمكن من الزواج من الزوجة الصالحة، أريد أن أكون ملتزما ولا أعرف كيف أفعل ذلك، تعبت جدا من التفكير والهموم، وأتمنى أن يوفقني الله في أمور الزواج، لا أعرف ماذا أفعل، أشعر بأنني تائه جدا، ساعدني بالله عليك.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - ولدنا الحبيب - في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك مع الموقع، ونسأل الله تعالى أن يهديك سبل الرشاد، ويقينا وإياك شرور أنفسنا، ويلهمنا رشدنا.
ونحن سعداء - أيها الحبيب - بأنك لا تزال تجد في نفسك هذا الشعور بالندم والأسف على الحال الذي أنت فيه، فحالك هذا الذي أنت فيه لا يرضي محبا، فإنك على خطر عظيم ومرتكب لجريمة من أعظم الجرائم وأكبر الموبقات، وهي تضييع الصلوات، فترك صلاة واحدة عمدا حتى يخرج وقتها أعظم الكبائر بعد الكفر بالله سبحانه وتعالى، بل بعض العلماء يرى بأنها كفر.
ولهذا ينبغي أن تأخذ الأمور بجد، وتدرك مدى الخطر الذي أنت مقبل عليه، وأن تحول هذه المشاعر من الندم والأسف إلى عمل، حتى لا يخدعك الشيطان بالرضا بما أنت فيه فقط لمجرد الحسرة والتأسف، فإن هذا وحده لا يفيد، والله سبحانه وتعالى يقول: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} [النساء: 123].
فبادر - أيها الحبيب - بادر إلى التوبة الصادقة المكتملة المستوفية لأركانها، وهي بأن تندم على ما فات، وتعزم على عدم الرجوع إلى الذنب في المستقبل، مع الإقلاع عنه في الحال، وتبادر إلى إقامة الصلاة، وتأخذ بالأسباب التي تعينك على إقامة الصلاة، ومن هذه الأسباب:
أولا: أن تتذكر الخطورة التي تنتظرك فيما لو بقيت على ما أنت عليه، فإن النبي (ﷺ) يقول عن الصلاة: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة) يعني: الحد الذي بيننا وبين الكفار الصلاة (فمن تركها فقد كفر)، وقد وردت نصوص كثيرة مرهبة ومخوفة من تضييع الصلوات في كتاب الله وفي سنة رسول الله (ﷺ).
وفي المقابل ينبغي أن تذكر نفسك بالثواب والأجر، الذي رتبه الله تعالى لمن حافظ على هذه الصلوات الخمس، سواء في القبر، أو على عرصات يوم القيامة، أو في رفعة الدرجات في الجنة، وهذا كلام كثير. ينبغي أن تسمع إلى بعض المواعظ الموجودة على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، فإنك ستجد مواعظ كثيرة تبين لك ثواب الصلاة وآثارها عليك، فينبغي بأن تسمع نفسك هذه المواعظ لتساعدك على تغيير حالك.
ثالث الأسباب: أن تتخذ الرفقة الصالحة، فحاول أن تتعرف إلى الشباب الطيبين وتتواصل معهم، وستجدهم في بيوت الله تعالى، فحاول أن تتعرف إليهم، فإنهم خير من يعينك على أداء هذه الصلوات.
واعلم - أيها الحبيب - أن الذنوب لها أثر على الإنسان في تنغيص عيشه وتكدير حياته، والحيلولة بينه وبين أرزاقه، فقد قال النبي (ﷺ): (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).
فنرجو الله تعالى أنك إن تبت إليه، وتحسنت أوضاعك، أن يغرس في قلبك الرضا والطمأنينة والسكينة، ولعل أوضاعك المادية أيضا تتغير وتتبدل، فبادر - أيها الحبيب - ولا تسوف، فإن التسويف والتأخير والمماطلة في التوبة من أعظم جنود إبليس، كما قال أهل العلم.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.