السقوط في المنكرات

0 253

السؤال

السلام عليكم.
أنا فتاة عمري 25 سنة، ولدت في عائلة محافظة حيث لا خروج من البيت إلا لقضاء الشئون، ولا اختلاط مع الأجانب عنا، وكان تعليمنا مختلطا، ومع هذا بقيت على مبادئي وسلوكي، وكنت والحمد لله مثلا وقدوة. ولكن كانت عندنا مشاكل لا تنتهي في البيت، فدائما هناك خصام، ووالدي دوما يضرب والدتي لأتفه الأسباب، مما زاد في انطوائي وإحساسي بالوحدة.

وقد دخلت الجامعة ودرست ونجحت بفضل من الله والحمد لله. وقد أعانني الله على أن أقاوم كل الملذات، وألا أنجرف في التيار الذي أراه كل يوم، إلى أن انقلبت حياتي رأسا على عقب؛ حيث تعرفت على شاب يدرس معي، وكان هو المبادر، وأخبرني بحبه الشديد لي، ولا أدري لماذا صدقته بسرعة وما زلت أصدقه. المهم استطاع أن يجعلني أحبه، وصرنا نقضي كل أوقات الفراغ معا، وكنت أشعر بعدم الرضا مما يحدث، وأقول له: هذا حرام، ولكنه كان يشجعني ويقول لي بأنه الحب، ويعدني بالزواج، فانجرفت معه، وقدمت العديد من التنازلات، دون أن أسمح له طبعا بتجاوز الحدود، فموتي أهون من ذلك. وكنت كلما عدت إلى البيت بكيت خفية، وتضرعت إلى الله أن يسامحني ويغفر لي، مع العلم أنى لا أصلي، وهو يصلي ويحرص على صلاته، بل ويشجعني دائما على الصلاة، وقد فاتح أهله في موضوع زواجنا فرفضوه، لا لشيء سوى أنهم يريدون تزويجه بقريبة له هو لا يحبها.

باختصار مرت الآن ثلاث سنوات، ولم يتغير شيء فيها من ناحية أهله، مع العلم أننا لم نر بعضنا سوى مرة واحدة طيلة هذه الفترة، وبيننا الهاتف فقط؛ مما أثر على نفسيتي ومشاعري نحوه، حيث صرت أشعر ببرود نحوه تارة، وطورا يعاودني الحنين إليه. وقد كثرت المشاكل بيننا وابتعدنا فترات طويلة، مما جعلني أنقم على نفسي التي تخلت عن مبادئها من أجله، فصرت أتبرج، وأستعمل الماكياج خفية من أهلي. وقد حاول أحدهم إغوائي فطاوعته في بعض الأشياء دون أخرى؛ حتى أثبت لنفسي أني تافهة لا قيمة لي، وأنى لا أستحق شيئا. وهذا ما صرت أشعر به فعلا، لقد صرت محطمة تمر أيامي كئيبة حزينة لا لون لها ولا طعم، صرت أشعر بفداحة أخطائي، وصار همي ألا يعلم أهلي بقصتي، وأن يرزقني الله زوجا صالحا يسترني ويرعاني. وأرجو الستر والتوبة والمغفرة من الله، ولكني لم أستطع أن أبدا أولاها، ألا وهي الصلاة.

أرجوكم ساعدوني. فوالله لست من المستهترات ولا من بنات السوء، ولكن تلك ظروفي وما مررت به شرحته لكم، فلا تشتموني أو تلعنوني، بل اطلبوا لي الرحمة والمغفرة والصلاح؛ فإني أشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دمعة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فيعلم الله أننا سعداء باختيارك لموقعك، وهذا التواصل هو دليل على ما في نفسك من الخير، ومرحبا بك بين آبائك والإخوان، ونسأل الله أن يرزقك التوفيق والإيمان، وأن يبعدك عن طرق الغواية والعصيان. وأرجو أن تحمدي الله الذي سلمك من الأخطار، ونجاك من الفجار، وستر عليك في الليل والنهار، وألهمك رشدا تبحثي به عن الأخبار.

واعلمي أننا لا نلعن أحدا، ولا نسب أحدا، وهل يسب الطبيب زواره أو يعيب على مرضاه؟ ونحن أولى بذلك من الأطباء؛ لأننا نسعى لنشر شريعة رب الأرض والسماء.

ونحن نوصيك بأن تبدئي مسيرة التصحيح والإصلاح بالسجود للكريم الفتاح، ثم تبذل أسباب الفلاح، واحمدي الله الذي ستر عليك، واجعلي شكرك له عملا بما يرضيه، وابتعدي عن الشباب؛ فإن فيهم الذئاب، وانتظري من يتقدم ويطرق الباب، واشغلي نفسك بتلاوة الكتاب.

ولا يخفي عليك أن الطمأنينة لا تنال إلا بالإيمان والذكر، قال تعالى: (( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ))[الرعد:28]. كما أن انشراح الصدر وهدوء النفس لا يحصل إلا للمسلمين الساجدين، قال تعالى: (( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون ))[الحجر:97]. فما هو العلاج؟ (( فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ))[الحجر:98-99].

واعلمي أن الصلاة دواء لما أنت فيه، فلا تحرمي نفسك من الدواء، وتوجهي إلى رب الأرض والسماء، وحاولي أن تصلحي بين والديك، واطلبي منهما الدعاء. واعلمي أن صعوبة الظروف ليست شيئا لسلوك طريق الشفاء، بل ينبغي للمسلمة أن تتقرب إلى من يكشف الضراء.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، وبالمواظبة على الصلاة التي هي ركن الإسلام، وهي الفارقة بين أهل الإسلام وحزب الشيطان، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر ). وهي الفريضة التي لا تسقط عن الإنسان ما دام فيه نفس يصعد ويهبط، وهي عنوان المسلمة في الدنيا، وهي أول ما تحاسب عليها في الآخرة، فإن صلحت صلح سائر العمل، وأن فسدت فسد سائر العمل.

وأرجو أن تبحثي عن صديقات صالحات يكن عونا لك على الصلاة والطاعات. ونسأل الله يلهمك رشدك، وأن يرفع لك الدرجات.

وبالله بالتوفيق والسداد.


مواد ذات صلة

الاستشارات