السؤال
السلام عليكم.
أحمد الله جل وعلا على تيسير هذا الموقع لنا، كما أوجه لكم جزيل الشكر على هذا المجهود الرائع الذي لا تصفه الكلمات، وجزاكم الله كل الخير عنا وعن الأمة الإسلامية.
سيدي الفاضل: مشكلتي بدأت منذ فسخ خطوبتي الذي تم دون الرجوع إلي سواء من والدي أو خطيبي، المهم أني إلى الآن لم أستطع نسيانه، لم أستطع أن أوقف نفسي عن التفكير فيه، وأكلم كل الناس عنه، وعرفت أنه خطب، وبعد ذلك تمت خطبتي بشخص آخر (أنا حكمت عقلي واستخرت واستشرت ووافقت)، وبعدها فسخت خطوبتي الثانية؛ لأني لم أستطع فهم هذا الإنسان، ولم أحتمل تصرفاته، ووقتها كان الكل يجمع أني فعلت ذلك لتفكيري بالشخص الأول، وأقارن بينه وبين الخطيب الثاني؛ لأجل ذلك فسخت الخطوبة، لكني من داخلي مقتنعة برفضي لهذا الشخص على أسس موضوعية.
والآن بعد مرور أكثر من سنتين إلى الآن أبكي عليه يوميا، ولا أستطيع النوم قبل ساعة أو أكثر من الذهاب إلى الفراش، ولا أستطيع منع نفسي من التفكير فيه، وأحيانا أحس أنه فكرة متسلطة علي، وحاولت شغل نفسي كثيرا، ورغم ذلك ما زالت سيرته أمامي، أي شيء عنه يمنعني من النوم ويزيد البكاء عندي، وهذا الأمر يؤرقني بشدة، ولا أعرف كيف أتصرف، وأتجنب أي أحد ممكن يذكره، ولكني أنا التي أذكره.
أنا فعلا أمر بمشكلة، لو مرت علي لحظة سكون أفكر فيه، حتى في الامتحان أتذكره.
أرجوكم أفيدوني برأيكم وساعدوني على الخلاص من هذا الأمر؛ لأنه أتعبني
وهناك مشكلة ثانية متعلقة بنفس المشكلة، وهي أنني عند فسخ الخطوبة مباشرة كنت لا أجد رغبة في الطعام، وعندما تأكد لي الأمر بدأت آكل لدرجة أنني زدت في الوزن حوالي 15 كيلو، فأنا آكل كل شيء، وعندي نهم شديد للأكل، ولا أجد له طعما، وأشعر فيه بمرارة، ورغم ذلك آكل، ولا أشعر بشبع، وأكثر من الحلويات، وأكثر السكر في كل الأكلات للتغلب على المرارة التي أشعر بها، وعندما أنوي عمل ريجيم بمجرد النية أشعر بدوخة وإرهاق، ولا أستطيع حتى البدء فيه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه رغم أنه لم تتضح لنا أسباب ما حصل إلا أننا نرفض هذا الأسلوب في قطع العلاقات، ونتمنى أن يحترم الآباء والخطاب مشاعر البنات مهما تفاقمت الأزمات، وننصحك بالقبول بما قدره رب الأرض والسماوات، فلن يحدث في كونه إلا ما أراده، واعلمي أن الخير في الذي قدره، فأشغلي نفسك بذكره وعبادته والشكر له.
وإذا نظر الإنسان إلى هذه المشكلة، فإنه لا يستطيع أن يعفي خطيبك من المسئولية، بل ربما كان تركه لك بهذه السهولة دليل على أن الخير في الابتعاد، وأرجو أن تقبلي بمن يطرق الباب إذا كان من أهل الدين والأمانة والآداب، واستخيري ربك ليدلك على الصواب وشاوري العقلاء من محارمك، واسألي الله أن يلهمك الصواب.
ولا يخفى على أمثالك أن رفض الخاطب، والقبول به، أمر يخص الفتاة وحدها، وليس من حق أحد التدخل في ذلك إلا على سبيل النصح والشفاعة؛ ولذلك قالت بريرة -رضي الله عنها- للنبي -صلى الله عليه وسلم- لما طلب منها أن ترجع إلى من يبكي وراءها شوقا وحبا أشافع أنت أم آمر؟ فلما قال لها بل شافع، قالت: لا أريده. فتركها نبي الرحمة -عليه صلاة الله وسلامه- لرأيها وقرارها، ولا عجب فهو الذي علمنا أن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
وأرجو أن يعلم الأهل أنهم يستطيعون أن يقدموا لبناتهم طعاما للأكل أو ثوبا للبس، ولكنهم قد لا ينجحون في اختيار شريك يسعد بناتهم، كما أن الإنسان لا يملك قلبه لأن القلوب بيد مصرفها سبحانه، كما أن الخطبة إنما شرعت من أجل تعميق المعرفة بالخاطب وأسرته، وذلك عن طريق السؤال عن أحوالهم وأخلاقهم ودينهم، وليس في فسخها خطأ أو حرج إلا إذا كان ذلك بدون أسباب، أو تبعه تشهير وتنقيص وسباب.
ولا شك أن خطيبك لن يتضرر من كراهية شقيقتك له؛ لأن الذي يهمه هو رأيك أنت.
ونسأل الله أن يوفقك للخير وأن يقدر لك الخير، وأن يجعلك مفتاحا للخير لأسرتك وأمتك، فاتقي الله في سرك وجهرك، وأصلحي ما بينك وبين ربك يصلح لك ما بينك وبين أهلك.
ومرحبا بك مجددا، وشكرا على سؤالك واهتمامك.
وبالله التوفيق والسداد.