أتراجع دائما عن التوبة فكيف أتغير وأثبت على ما أنا عليه؟

0 377

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعيش مع أمي في بلد أوروبي، وأشعر أني منافقة؛ لأني أتراجع دائما عن التوبة، وأنا أريد إرضاء ربي، لكني أؤجل ذلك إلى أن أستقيل من عملي، فهم يمنعون الحجاب في العمل.

والغريب في الأمر أن الصلاة التي لا يستطيع أحد أن يمنعني منها لا أواصل فيها، وأحيانا أقول: إني سألتزم بالصلاة عندما أتحجب وأتوب، وأريد أن أتغير كليا، ولا أبقى على ما أنا عليه، وأنوي أن أستقيل قبل زواجي الصيف القادم. فانصحوني.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ... حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يملأ قلبك إيمانا، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن لا يجعلك من المنافقات، وأن يحبب إليك الإيمان ويزينه في قلبك، وأن يكره إليك الكفر والفسوق والعصيان، وأن يجعلنا وإياك وسائر المسلمين من عباده الراشدين.

وبخصوص ما ورد في رسالتك: فإن حكم الإنسان على نفسه أنه منافق ليس بالأمر السهل؛ لأن كلمة النفاق وكلمة الإيمان وكلمة الكفر أحكام شرعية، لا يجوز للإنسان أن يطلقها على نفسه بهذه السهولة، وقد يتهم الواحد منا نفسه بأنه مقصر وأنه مذنب وأنه خطاء، ولكنه لا ينبغي أن يصف نفسه بالنفاق، فاستغفري الله من هذه العبارة، وخذي بأسباب الهداية والتوفيق.

واعلمي أن الله تبارك وتعالى إذا آنس ولمس من العبد صدقا في قلبه وصدقا في توجهه فإنه يمد إليه يده سبحانه وتعالى، كما ذكر في قوله جل وعلا: (( ويزيد الله الذين اهتدوا هدى ))[مريم:76]، ويقول: (( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم ))[محمد:17]، ويقول أيضا في الحديث القدسي في باب التوبة: (وإن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة). فالله سبحانه وتعالى يفرح بتوبة التائب وبعودة العائد إليه، ويفرح بك عندما تتركين المعاصي، وتتركين هذه الغفلة، وتقبلين عليه سبحانه، فإذا بدأت باتخاذ القرار المناسب فإنه يتفضل عليك برحمته ورضوانه وتوفيقه وتأييده.

فخذي قرارا جازما حاسما بارتداء الحجاب، وإذا كان ممنوعا في العمل فإنه ليس ممنوعا خارج العمل، وبمقدورك عندما تخرجين من باب العمل أن تلبسي الحجاب، وأن لا تخرجي إلى الشارع إلا به، وأن لا تتعاملي أو تذهبي لزيارة أي مكان إلا به. وهذا أول قرار ينبغي عليك أن تأخذيه، وأول خطوة على طريق الاستقامة.

وعليك أن تعلمي أن الحجاب واجب شرعي، والمرأة المسلمة غير المحجبة معرضة لدخول النار إذا لم تتب إلى الله وترجع عن هذا الذنب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أمتي لم أرهما) وذكر منهم: (نساء كاسيات عاريات) أي: تستر بعض البدن وتكشف بعضه، فالتي تترك الحجاب توعدها الله بالعقوبة على لسان النبي محمد عليه الصلاة والسلام.

وإذا كانت لديك الاستطاعة والقدرة المالية ولدى أهلك ما يكفي للإنفاق عليك فينبغي أن تتركي العمل؛ لأن ترك الحجاب معصية، بالإضافة إلى العمل في مكان فيه اختلاط، وإذا كان أهل هذه الأعمال كفار فالحجاب يصبح أوجب بالنسبة لك.

واعلمي أن الله يعين ويوفق من يتقيه، قال تعالى: (( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ))[الطلاق:4]، وقال أيضا: (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ))[الطلاق:2-3]، وقال صلى الله عليه وسلم: (ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه).

وأما قضية الصلاة فهي أول الواجبات، وهي ركن من أركان الدين، من أقامها أقام الدين، ومن هدمها هدم الدين، فينبغي عليك أن تقفي وقفة مع نفسك، فلا يدري المرء متى ينتهي عمره، فهل تحبين أن تقابلي الله بهذه الطريقة؟

وإذا كنت تتكاسلين عنها فاطلبي من أمك أو من أخواتك أن يصلين معك، لأن العبد إذا مات وهو تارك للصلاة فإنه على خطر عظيم، قال الله تعالى: (( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ))[النساء:103]. وسئل النبي عليه الصلاة والسلام: (أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها). وكانت آخر وصاياه قبل أن يفارق الحياة: (الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، كلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة). فآخر ما يضيع من الدين الصلاة، ولذلك فإن المسلم الذي لا يصلي ليس له من الإسلام شيء، كما ورد في الحديث: (لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة).

وعليك بالدعاء لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا يرد القضاء إلا الدعاء). وقال أيضا: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء)!
فاجتهدي في الدعاء أن يوفقك الله حتى تكوني من المحافظات على الصلاة قبل زواجك وقبل استقالتك، وحتى تدخلي حظيرة الإيمان، فترك الصلاة يجعلك على خطر عظيم، وأنت لا تدرين هل تكونين في الصيف القادم من الأحياء أم من الأموات، وأبشرك بأن طاعتك واستقامتك على منهج الله سوف يمنحك البركة في حياتك وفي زوجك، ويجعل حياتك سعيدة.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يشرح صدرك للالتزام بالحجاب دائما، وأن يمن عليك بالمحافظة على الصلاة، وأن يجعلك من صالح المؤمنين.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات