أبنائي لا يصلون

0 591

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

رزقني الله بولدين، أحدهما يبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة، والآخر سبع عشرة سنة، فالأول لا يصلي ولا يصوم رغم أنه مثقف وجامعي، والثاني يصوم رمضان ولا يصلي.

وقد باءت كل محاولاتي معهما بالفشل، رغم أنهما ترعرعا في عائلة تقوم بكل العبادات صلاة وصوما والتزاما ولله الحمد، بجانب الاستقرار المادي والنفسي، وقد قمت بكل ما أملك من وسائل التوعية والتوجيه والترغيب، والترهيب أحيانا.

ويحز في نفسي أن أرى فلذات كبدي على هذا النحو، وما يؤرقني أكثر أنني قد لا ألتقي بهم بعد الموت إن بقيا على هذه الحال، علما بأنهما على قدر كبير من الأخلاق واحترام الغير، فماذا أفعل معهما؟!

أفيدوني وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بن محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يصلح لك أولادك، وأن يجعلهما من سعداء الدنيا والآخرة، وأن يهديكم جميعا صراطه المستقيم، وأن يعينكم جميعا على ذكره وشكره وحسن عبادته، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن هذه الحالة لابد فيها من موقف شرعي حتى تستطيع أن تعان على أداء وظيفتك مع أبنائك، فإنه ليس من وظيفتنا توفير الطعام والشراب والكسوة والسكن والعلاج والتعليم فقط، وإنما على رأس أولوياتنا والواجب علينا توفير الشرع والدين والطاعة والاستقامة.

فعليك أن تعقد مجلسا مع أبنائك في أقرب فرصة وتخبرهم بأنك ما عدت تحتمل تركهم للصلاة، وتنذرهم إنذارا أخيرا بأن هذا الأمر لا تقبله؛ لأن هذا حق الله تبارك وتعالى علينا، والخير الذي نحن فيه إنما سببه الطاعة، وأنهم تشكلون خطرا بتركهم لعبادة الله عز وجل وفرائضه.

وإذا كانوا لا يصلون بسبب صحبة السوء فاجتهد في أن توفر لهم صحبة صالحة وأن تربطهم بالصالحين من عباد الله، وأن تذكرهم بالله وأن يحضروا معك بعض الدروس أو يسمعون لأشرطة إسلامية، فابحث عن الأسباب وإذا تواصلت وتفاهمت معهم ووعدوك بأن يصلوا فتابع صلاتهم، حتى وإن لم يصلوا في المسجد، واقبل منهم أن يصلوا في البيت مبدئيا، وإذا التزموا بذلك فإنهم بعد ذلك سيصلون في المسجد.

واعلم أن الله عز وجل لن يخزيك، وعليك بالدعاء لهما؛ لأن دعاء الوالد لولده لا يرد، فادع لهما بالصلاح والهداية، ولتقم والدتهم بالدعاء لهما وكذلك الصالحون ممن تعرفون، وإذا أمكن أن يكون هناك بعض الشباب الصالح المستقيم الذي تعرفه وتعرف أباه فاطلب منه أن يقيم علاقة مع أولادك، بطريقة غير مباشرة، كأن يمشي معه، أو يزوره في البيت، أو يخرج معه إلى النادي أو بعض المتنزهات؛ لأن الصاحب ساحب، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)، فقد يكرمهم الله عز وجل بهذه الصحبة فتستقيم أحوالهم.

وإذا يسر الله وتحقق ما تريد وكانا من أهل الصلاح فعليك بمواصلة الدعاء لهما بالثبات، وإذا لم يستجيبا فيلزمك أن تهجرهما هجرا شرعيا، ومعنى الهجر الشرعي عدم الكلام، فلا تتكلم معهم حتى وإذا جلسوا في مكان فاترك المكان وانصرف غضبا لله سبحانه وتعالى، وإذا جاء وقت الطعام فلا تأكل معهم، وقد يأتي الهجر بنتيجة إذا لم تأت الوسائل الأخرى بنتيجة، وقد أباح الله لنا الهجر، فقد هجر النبي - عليه الصلاة والسلام - نساءه شهرا كاملا، وكذلك هجر الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك أكثر من قرابة خمسين ليلة، وإذا حاولوا معك فأخبرهم بأن المياه لن تعود إلى مجاريها إلا إذا عادوا إلى الله، ومن الممكن أن تضيق عليهم في الإنفاق، وهذا من حقك شرعا؛ لأن الله ما خلقنا إلا لعبادته، وأعظم العبادات إنما هي الصلاة، وهم لا يؤدون الصلاة رغم أنها لا تكلفهم شيئا.

فإذا لم يصلوا في البيت أو في المسجد فهم صفقة خاسرة، ونسأل الله أن يعوض عليك، ورغم ذلك عليك بالدعاء ولا تيأس من رحمة الله ولا تقنط من روح الله، نسأل الله لنا ولهم ولكم الهداية وصلاح الحال وهدوء البال، إنه جواد كريم.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات