السؤال
لي أب قد فارقنا لأنه تحول من المدينة التي نسكن فيها إلى أخرى ليعمل فيها وذلك بإرادته وهو على خصام دائم مع أمي لأسباب في العشرة الزوجية (وأمى صابرة عليه) ومع مرور الأيام أصبح لا يزورنا إلا مرة في الأسبوعين أو لا يأتي وكل شهر يعطينا مبلغا من المال وإذا دخل إلى البيت لا يتكلم مع أحد ولا يتبسم حتى، وهو منذ القدم لا يشاورنا في أعماله ولا ندري ما يقوم به وينتهج معنا الديكتاتورية وهكذا تربينا على الخوف منه وهو متغير المزاج، والآن عندما يأتي إلى المركز الذي كان يعمل فيه والذي أعمل فيه أنا نلتقي نتكلم لكن لا أسأله عن حاله والسبب الذي فارقنا لأجله علما بأننا تكلمنا سابقا وقال إن أمي لا تملك صفات المرأة التي يريد وأنها لا تتغير (وأمي متغربة معه ولا ترى أهلها إلا مرة في العام منذ 18 سنة وفي المدينة التي نعيش فيها لا تخرج ولا تعرف أحدا إلا جارتها)، فهل نحن مقصرون معه وهل أنا آثم من جهته وأنا لا أستطيع حتى أن أحاوره لأنني تربيت هكذا، فأفتوني يرحمكم الله وأدعو الله لي وله بالهداية؟ جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
على الوالد مسؤولية تجاه عائلته، ولا يجوز له هجرهم، وعلى الزوجة مسؤولية تجاه زوجها، ولا يجوز لها التسبب في تركه للبيت، أما الأبناء فليس عليهم إثم من هجر والدهم لهم إن كان لغير سبب منهم، وعليهم بره وصلته والإحسان إليه وإن أساء في حقهم، ومن ذلك الاحتفاء به عند اللقاء والسؤال عن حاله والحذر من الجفاء معه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالوالد عليه حق تجاه عائلته من زوجة وأبناء وهم أمانة في عنقه، ولا يكفي الجانب المادي فهناك جوانب أخرى أهم، كالعلاقة الزوجية وإحاطة الأسرة بحنان الأبوة، وتربية الأبناء، وتفقد أحوالهم، وحل مشاكلهم، ومن ثم فإنه يأثم بسبب تخليه عن هذه المسؤولية، وتركه لهذا الواجب.
وإذا كان تركه للبيت ناتجا عن حال وسبب في الزوجة مثلا، فعليها أن تغير من هذا الحال بقدر استطاعتها وتكون له كما يريد في مرضاة الله عز وجل، فإن له حقا عليها تأثم بالتقصير فيه، وليس على الأبناء إثم في ما ذكر، لأنه لا يد لهم في ما حصل، ولكن يجب عليهم طاعة والدهم وبره، والإحسان إليه، وإن تخلى عن واجبه اتجاههم أو اتجاه أمهم، ومن الإحسان إليه وبره وصلته البشاشة في وجهه إذا لقيه أحدكم والاحتفاء به والسؤال عن حاله، وأما سؤاله عن سبب تركه لكم فلا يلزم إلا إذا كنتم تخشون أن يكون يظن بكم المشاركة في ذلك.
والله أعلم.