التفاضل والتفاوت بين الناس

0 433

السؤال

تحية عطره من مسلم إلى مسلم.. أنا عندي سؤال أريد إجابة عليه مع الدلائل لو تكرمتم، ليلة أمس وقع حديث مع إخواني الزملاء وقال أحد الإخوة إن الله خلق وفرق يعني الله خلق البشر وفرق فيما بينهم، أنا أتكلم عن الخلق وليس الدين الفرق بشكل عام، أنا أجبته أن الله لا يفرق بين عباده إلا بالتقوى والأعمال الصالحة، لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى وكلنا سواسية كأسنان المشط، لكن هم يقولون إن الله خلق العباد وفرق بينهم، وأن الله فرق وليس فضل فرق عباد على عباد، هل صحيح هذا الكلام وإذا كان نعم ليتكم تزودني بالدلائل الشرعية؟ وجزاكم الله خير الجزاء وأرجو الرد بأسرع وقت ممكن.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

التفاضل الحقيقي بين الناس يكون بالتقوى، وأما تفاضلهم في الأرزاق فهو واقع فعلا.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنا ننصح السائل وغيره أن يتدارسوا في مجالسهم كلام الله وكلام النبي صلى الله عليه وسلم فهذا أولى ما يتعين صرف الأفهام في تدبر معانيه وتفهمه والنقاش فيه، فأما أن يقول واحد من نفسه كلمة ثم يشغل نفسه وغيره بنقاشها ومدلولها فالفائدة من هذا قليلة، وأما فيما يخص موضوع السؤال فإن الله تعالى جعل التفاضل الحقيقي الذي يتفاوت الناس به في مكانتهم عند الله تعالى جعله بالتقوى فجعل اتقاهم أكرمهم، كما قال تعالى: إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير {الحجرات:13}، وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله من أكرم الناس؟ قال: أتقاهم، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فيوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فعن معادن العرب تسألون؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا.

وأما حال الناس في الدنيا الفانية.. فإنه لا شك أن الله تعالى قد فاوت بينهم وفضل بعضهم على بعض في الرزق، فجعل بعضهم غنيا وبعضهم فقيرا وبعضهم طويلا وبعضهم قصيرا وبعضهم ولودا وبعضهم عقيما لحكمة يعلمها الله تعالى، كما قال الله تعالى: والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برآدي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون {النحل:71}، وقال تعالى: نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون {الزخرف:32}، وقال تعالى: لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور* أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير {الشورى:49-50}، ويحكى عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال:

فما شئت كان وإن لم أشأ   * وما شئت لو لم تشأ لم يكن

خلقت العباد على ما علمت   * ففي العلم يجري الفتى والمسن

على ذا مننت وهذا خذلت   * وهذا أعنت وذا لم تعن

وهذا شقي وهذا سعيد   * وهذا قبيح وهذا حسن

وأما ما أشرت له من كون الناس سواسية كأسنان المشط.. فقد ورد في حديث ضعيف جدا كما قال الشيخ الألباني.

هذا وليعلم أن هذا التفاوت في الأمور الدنيوية الفانية لا يفيد فضلا للغني على الفقير في ميزان الله، بل قد يكون الفقير خيرا عند الله تعالى إذا كان متقيا وأكثر استقامة على الدين من غيره، كما قد يكون الغني أفضل إذا كان شاكرا للنعم كثير الإنفاق مستقيما في دينه، فقد قال الله تعالى: فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن* وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن {الفجر:15-16}، وفي البخاري عن سهل قال: مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما تقولون في هذا؟ قالوا: حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يسمع. قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال: ما تقولون في هذا؟ قالوا: حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يسمع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا خير من ملء الأرض مثل هذا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات