كثرة الحزن تفضي للضرر في البدن والنفس

0 164

السؤال

أنا سيدة مطلقة عانيت في فترة زواجي الحرمان من أية حقوق زوجية ومما نص الله عليه من قوامة الرجل على زوجته، وأنا الآن عمري يقترب من 44 عاما وأشعر بالحزن على ما فاتني ودائما أبكي لكوني امرأة بلا زوج وبيت وأولاد فكنت دائما أحلم بالزوج والبيت والأولاد ولكن طليقي أصر على هذا ودام الزواج 10 سنوات ثم انفصلنا ومن بعد انقضاء العدة بـ14 يوم توفي وأنا بين الحين والآخر أتذكر إساءته لي ثم مفاجأتي أنه تزوج علي بدون علمي ولا علم زوجته الأولى فينتابني البكاء لكونه حرمني من كل شيء حتى المبيت حيث إنه يسكن في منزل آخر مع أولاده وعندما يريد أن يعطيني مثل أي زوجة بالكاد في السنة كلها 4 أو 5 مرات وجلوسه في البيت ساعتين فقط حتى مرضت لحزني على نفسي وحين أتذكره فكأني أتشفى فيه لكونه ميتا على ظلمه لي وأقول بصوت عال إنك الآن بين يدي الله الحق العادل الذي لا يظلم أحدا ويحاسب كل إنسان بما قدمت يداه لأنني كنت أقول له اتق الله في وحرام الذي أنت تعمله وهذا لم يرض به الله وستحاسب أمام الله فكان يعنفني، فكان ينعتني بأنني مخادعة وكاذبة ولم أعترف بجميله علي وهو عندما توفي بالمستشفى علمت بأن أولاده فوجئوا به أنه متزوج بثالثة غيري وفوجئوا أيضا بطلاقي منه منذ ثلاثة أشهر ونصف وكان يجعلهم يظنون أنني كنت آخذة أبيهم منهم فأقسمت لهم أنه لم يقم معي ليلة واحدة أرى معه نهار يوم جديد.فماذا أفعل فيما تحتويه نفسي من صب غضب عليه ثم البكاء على ما مضى وهل عندما أذكره بين نفسي وأذكر أفعاله وأحدث نفسي أنت الآن لا حول لك ولا قوة وبين يدي الله وفي قبر لا تقدر على الفكاك منه هل هذا ينقص من حسناتي ويكفر عن سيئاته... فأفيدوني لقد مضى على طلاقي ما يقرب العام وخمسة أشهر ومضى على وفاته ما يقرب على العام وشهرين وأنا لن أقدر أنسى الحسرة والألم التي يكتويها قلبي فهل كنت للدرجة إنسانة غبية بالرغم أنه جاءني يطلب مني العفو والسماح قبل وفاته بأسبوع وبكائه ولكن كان كل شيء مضى، مع العلم بأنه بعد الطلاق لم يعطني فلسا واحدا من حقوقي وأصر أمام القاضي أنه لن يعطيني طالما أني أنا التي طلبت الطلاق وكان سبب رفع دعوى الطلاق هو طلاق للضرر بكل أنواعه حتى أولاده وزوجته الأولى وتلك الأخيرة التي تزوجها أبلغتهم أنه عليه دين لي من نفقة ومؤخر وما يترتب عليه الطلاق من حقوق للزوجة المطلقة ولكنهم كانوا مثله في البخل وأخذ حق الغير فكان هو يعيش ويأكل على حسابي ولا ينفق فلسا واحدا علي يعني كان يأكل سحتا وهم الآن نفس الشيء فلم يعطوني شيئا وتنازلت عن دعوتي أمام القاضي لكوني أصرخ لحقي الذي سلب مني ليس مال فحسب بل عمري وشبابي لأنني كنت أقول له إنني أشعر أنك تحرمني من الأطفال وعندما أكبر وأصل ما بعد الأربعين ستطلقني حتى لا ألحق أن أنجب مرة أخرى، فياله من إنسان جبان لا أعرف أن هذا هو الذي يريده مني وكان هذا وكان هم أيضا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلمي أيتها الأخت أنك صبرت على تفريط زوجك في حق فرضه الله لك عليه، وصبرك هذا لك عند الله به أعظم الجزاء كما وعد الصابرين بذلك حيث قال: وبشر الصابرين، فأبشري ببشارة الله لك على ما تحملتيه من ألم، وصبرت على نكد العيش وتضييق الزوج، وكان على زوجك أن يفي لك بما أمره الله به من العشرة بالمعروف والنفقة والعدل.. وننصحك بعدم التحسر على ما فات وفتح باب الوساوس، فإن لو تفتح عمل الشيطان، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في البخاري.

وعليك أن تنسي ذلك وتفتحي صفحة جديدة، عندئذ تستطيعين أداء حق الله وحق نفسك والاهتمام بأمورك، فإن الجزع لا يحبه الله، قال تعالى: ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون  {يوسف:87}، والحزن لا يأتي بخير لذلك نهى رسوله عنه، قال تعالى: ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون {النمل:70}، فلا ينبغي لك قضاء وقتك في الهموم والأحزان والتأوهات لأنها تؤدي إلى الهلاك، وقد بين الله تعالى أن كثرة الحزن مفضية إلى ذهاب منافع البدن كالبصر وغيره، قال تعالى: وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم {يوسف:84}، ومرضك الذي ذكرت هو منه أو يزيده.

كما ننصحك أن تعفي عن زوجك، لقوله تعالى: ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور  {الشورى:43}، فقد صبرت وبقي أن تغفري له وتسامحيه وستجدين ذلك عند الله تعالى، وقد أثنى الله على المؤمنين بقوله: وإذا ما غضبوا هم يغفرون {الشورى:37}، وقال تعالى: ادفع بالتي هي أحسن السيئة {المؤمنون:96}، فهذه الآيات تدل على أن الأولى للعبد العفو والمغفرة والصبر وهذا ما ننصحك به، وننصحك بدوام التسبيح فإنه يزيل الهم وضيق الصدر، قال تعالى موصيا رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك وهو يواجه أفظع أنواع التآمر: ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون* فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين {الحجر:97-98}.

أما مطالبتك بحقوقك التابعة للطلاق.. فقد ذكرت أنك تنازلت عنها أمام القضاء.. فإن كان كذلك فليس لك بعد ذلك المطالبة بها من الورثة، وما ذكرتيه من أنك مطلقة وتعيشين الآن بلا زوج ولا ولد فأقرب طريق لذلك هو الدعاء والتقرب لله، فإنه هو القائل: وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته  {النساء:130}، والقائل: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله {النور:33}، وأبشري بوعد الله وفضله.. وفقك الله لما يحب ويرضى، ورزقك الزوج الصالح والولد قرة العين.. وللمزيد من الفائدة راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 97457، 49507.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات