السؤال
أولا:عاتب الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام في شأن أسرى بدر عتابا شديدا على الرغم من أنه لم يسبق وجود حكم إلهي في ذلك الأمر بل كان اجتهادا من الرسول صلى الله عليه وسلم ووافقه أبوبكر الصديق فما الحكمة من هذا العتاب الشديد ؟
ثانيا: ورد في السيرة أنه تم فداؤهم فمنذ متى بدأ الإذن الرباني بأخذ الأسرى؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
قال القرطبي في تفسيره: هذه الآية نزلت يوم بدر ، عتابا من الله عز وجل لأصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم . والمعنى : ما كان ينبغي لكم أن تفعلوا هذا الفعل الذي أوجب أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم أسرى قبل الإثخان . ولهم هذا الإخبار بقوله { تريدون عرض الدنيا } . والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر باستبقاء الرجال وقت الحرب ، ولا أراد قط عرض الدنيا ، وإنما فعله جمهور مباشري الحرب؛ فالتوبيخ والعتاب إنما كان متوجها بسبب من أشار على النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ الفدية . هذا قول أكثر المفسرين ، وهو الذي لا يصح غيره . وجاء ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الآية حين لم ينه عنه حين رآه من العريش وإذ كره سعد بن معاذ وعمر بن الخطاب وعبد الله بن رواحة ، ولكنه عليه السلام شغله بغت الأمر ونزول النصر فترك النهي عن الاستبقاء؛ ولذلك بكى هو وأبو بكر حين نزلت الآيات . انتهى
وبخصوص السؤال الثاني فإن مشروعية الأسر – بعد العتاب ثابتة في قول تعالى: فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم. {محمد:4}
قال ابن كثير في تفسيره: والظاهر أن هذه الآية نزلت بعد وقعة بدر، فإن الله، سبحانه، عاتب المؤمنين على الاستكثار من الأسارى يومئذ ليأخذوا منهم الفداء، والتقلل من القتل يومئذ فقال: { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30507، 62984، 3217.
والله أعلم.