التوبة من الذنب الذي له تعلق بحقوق الآدميين

0 189

السؤال

بعد الصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين.. أنا رجل مغربي متزوج وأبلغ من العمر40 سنة، سافرت إلى أوروبا وسني 24 سنة، كنت أدرس بالخارج في فرنسا وألمانيا ابتداء من سنة 1992م حتى سنة 2000م، لم أكن متزوجا في هذه الفترة وكنت أصلي وأصوم ولكن كنت أعمل الفواحش، لا أطيل عليكم فسوف أختصر وأبدأ سرد قصتي... في يوم من الأيام استسلمت للشيطان وبدأت أسرق من المحلات التجارية الغربية، في البداية كنت أسرق مواد غذائية ثم بعد ذلك بدأت أسرق الملابس الغالية قصد ارتدائها أو بيعها، كما أنني كان لي بطاقات بنكية ائتمان كنت أشتري بها ملابس وأشياء أخرى كالذهاب إلى المطاعم أو من أجل قضاء أغراض أخرى، وقد قمت بهذه الأعمال الخسيسة من أجل المتعة ولم أكن حينها أدرك خطورتها، ربما كنت حينها أعاني من مرض الكليبتمانيا، وقد كنت منذ مدة طويلة تزيد عن 20 سنة آخذ بعض العقاقير لعلاج مرض الاكتئاب ومازلت إلى الآن، كما أنني كنت أزني بفتيات من أوروبا وقمت بهذا العمل حتى سنة 2000 تاريخ العودة إلى المغرب، وقد اشتريت العديد من لوازم المنزل بشيكات وبطاقات فرنسية وألمانية بدون رصيد، وللأسف لا زلت أحتفظ ببعض المسروقات وأريد التخلص منها بتوزيعها على أي أحد، ولكن مازلت أستعملها، وقد ندمت كل الندم على ما فعلت وتبت إلى الله عز وجل، لكن الشيء الذي ينغص علي حياتي هو تلك الأموال والأشياء التي سرقت، فأنا لا أستطيع رد الحقوق إلى أصحابها لأن دخلي محدود، كما أنني أخاف إن اتصلت بالمحلات التجارية والبنوك التي أقرضتني أموالا من أجل طلب العفو فربما قبضوا علي، فأنا رب أسرة وأعيل أبناء، فهل الصدقة كفيلة بأن تكفر عن ثمن السرقات التي لا أستطيع ردها، كما أنني فكرت في أخذ قرض من البنك لكنني سأزيد الطين بلة وخاصة أنه عندنا بنوك ربوية في المغرب، فماذا أفعل فأرجوكم أفيدوني أنا أشعر بقهر شديد من هذا الموضوع ولا أريد أن أفضح نفسي، والله لقد تبت ولا أعرف كيف كنت أقوم بهذا العمل المشين، ولكن هذا ما حدث وأريد أن يمحى هذا الذنب عني وأتخلص من توابعه للأبد، دائما أدعو الله أن يقبل توبتي ويعينني على التخلص من توابع ذنب السرقة فو الله أنا قد تغيرت وأسعى دائما للتقرب إلى الله وطلب المغفرة منه، فأرجوكم أرشدوني لا أعرف كيف أتصرف؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أحسنت بتوبتك وندمك على ما صنعت، واعلم أن الله عز وجل يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، ويفرح بتوبة عبده فرحا شديدا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلا وبه مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ وقد ذهبت راحلته حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله قال أرجع إلى مكاني فرجع فنام نومة ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده... متفق عليه.. وهذا لفظ البخاري..

 ثم اعلم أن التوبة النصوح من جميع الذنوب تكون بترك الذنوب والندم على فعلها والعزم على عدم العودة إليها مع الاستغفار والدعاء بالمغفرة، وإذا كان الذنب له تعلق بحقوق الآدميين وجب رد الحق إلى أصحابه إن أمكن، أو ورثتهم إن كانوا هم قد ماتوا ولو بطريقة غير مباشرة بأن يرده بواسطة، كأن يرسله بحوالة بريدية أو مع شخص آخر، فقد قال الله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها  {النساء:58}، وقال تعالى: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل  {البقرة:188}.

والواجب رد المال جميعه إن علم مقداره، وإن لم يعلم فعليه أن يتحرى فما غلب على ظنه أنه المأخوذ رده، وإذا كانت الأشياء التي سرقها مثلية فيجب عليك أن تؤدي لأصحابها مثلها، وإن كانت قيميه لا مثل لها، فيجب عليك أن ترد لهم قيمتها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 6420 .

فإن لم يتمكن من أن يرجعها إليهم لفقره فعليه أن يتحلل منهم، فإن أحلوه منها فهو كمن أرجعها وإن لم يحلوه فله أن يأخذ من الزكاة ما يقضي به ديونه لكونه في حكم الغارم، فإن كان المانع غير الفقر كأن يكون عدم إمكان الوصول إليهم أو عدم العلم بهم تحديدا أو غير ذلك فعليه أن يتصدق بما في يده من أموالهم عنهم، مع صدق التوبة والإكثار من فعل الحسنات... فإذا حضروا وطالبوا بها بعد ذلك أو تمكن هو من الوصول إليهم خيرهم بين إمضاء الصدقة ونيل أجرها، أو أن يرد إليهم قيمتها أو مثلها، ويكون ثواب الصدقة له.

 وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32031، 23562، 26143، 6420، 8315، 28748، 21859، 43407، 36270، 6420.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات