السؤال
هل يجوز لي استعمال مال محفوظ لولدي المرحومة أختي بنية السلفة والأداء في الوقت المعلوم وبالمبلغ المعلوم وهذا بعد أخذ موافقة الجدة التي هي أمي، وما هي السن اللازمة لدفع المال لليتيم؟ وهل يوزع هذا المال مناصفة بين الذكر والأنثى؟ أم للذكر مثل حظ الأنثيين؟ علما أن أصل هذا المال هو حاصل بيع بعض أغراض والدة اليتيمين واقتطاعات الجدة، التي هي كافلتهم، من نفقة والد اليتيمين دون أن تأخذ إذنهم ودون أن يؤثر ذلك على معيشتهم. وهل يطلق لفظ اليتيم على من فقد أحد والديه فقط؟
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
لا يجوز الاقتراض من مال اليتيم إلا إذا كان في ذلك مصلحة له، ولا يتصرف في ماله إلا وليه، وليس للجدة ولاية على مال اليتيم، واليتيم من مات أبوه لا من ماتت أمه، ويدفع مال اليتيم إليه إذا وجد منه الرشد بعد البلوغ، وما كان من المال تركة وزع بين الأيتام على حسب نصيبهم الشرعي، وما كان هبة وزع على وفق نية الواهب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقول ابتداء: إن لفظ اليتيم يطلق على من مات أبوه وهو دون سن البلوغ، فالصبي يتيم، والصبية يتيمة، فإذا بلغا زال عنهما وصف اليتم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : .... لا يتم بعد احتلام ... رواه أبو داود.
وقد يطلق عليهما بعد البلوغ وصف اليتم مجازا. جاء في النهاية : وقد يطلق عليهما مجازا بعد البلوغ كما كانوا يسمون النبي صلى الله عليه وسلم وهو كبير يتيم أبي طالب لأنه رباه بعد موت أبيه، ومنه الحديث: تستأمر اليتيمة في نفسها فإن سكتت فهو إذنها، أراد باليتيمة البكر البالغة التي مات أبوها قبل بلوغها فلزمها اسم اليتم فدعيت به وهي بالغة مجازا، وقيل المرأة لا يزول عنها اسم اليتم ما لم تتزوج، فإذا تزوجت ذهب عنها ... انتهى.
ولا يسمى من ماتت أمه يتيما، جاء في لسان العرب : وقال ابن السكيت: الـيتم فـي الناس من قبل الأب، وفـي البهائم من قبل الأم، ولا يقال لـمن فقد الأم من الناس يتـيم، ولكن منقطع... انتهى .
وأما هل يجوز الاقتراض من مال اليتيم؟ فاعلم أولا أنه إذا كان والد ابني أختك حيا فهو الذي يتولى التصرف في مالهم بالمعروف، لأن ولاية القصر تكون لأبيهم إذا كان موجودا باتفاق الفقهاء، فإن لم يكن أبوهم موجودا فوصيه، فإن لم يكن فجدهم من قبل الأب، وإلا فالحاكم، كما فصلناه في الفتوى رقم: 28545، وليس للجدة ولاية على مال اليتيم، ولا يجوز للأب ولا للوصي إقراض مال الصغير في مذهب الحنفية، ويجوز عند الشافعية عند الضرورة، كما نص الحنابلة على جواز إقراض مال اليتيم إذا كان فيه مصلحة لليتيم على أن يقرضه لمليء، جاء في المبسوط للسرخسي الحنفي:... الوصي لا يقرض على اليتيم ولا يستقرض لأنه تبرع .... وللقاضي ولاية الإقراض في مال اليتيم لتمكنه من الاسترداد متى شاء. انتهى .
وقال ابن قدامة في المغني : فأما قرض مال اليتيم فإذا لم يكن به حظ له لم يجز قرضه ، فمتى أملك الولي التجارة به أو تحصيل عقار له فيه الحظ لم يقرضه لأن ذلك يفوت الحظ على اليتيم ، وإن لم يكن ذلك وكان قرضه حظا لليتيم جاز . انتهى
وقريب منه قول الشافعية كما جاء في الموسوعة الفقهية: أما الشافعية فقد فصلوا في المسألة وقالوا : لا يجوز إقراض الولي مال موليه من غير ضرورة إذا لم يكن الحاكم، أما الحاكم فيجوز له عندهم إقراضه من غير ضرورة - خلافا للسبكي - بشرط يسار المقترض وأمانته وعدم الشبهة في ماله إن سلم منها مال المولى عليه ، والإشهاد عليه ، ويأخذ رهنا إن رأى ذلك .انتهى .
فالمسألة إذن خلافية وفيها تفصيل، والمفتى به عندنا الجواز إذا وجدت مصلحة لليتيم كما هو قول الحنابلة . وأما السن التي يدفع فيها مال اليتيم له فهي سن الرشد؛ لقول الله تعالى: فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ...{النساء 6}
والرشد عند الفقهاء الحنفية والمالكية والحنابلة : حسن التصرف في المال ، والقدرة على استثماره واستغلاله استغلالا حسنا. وعند الشافعية : صلاح الدين والصلاح في المال. كما جاء في الموسوعة الفقهية، وقول السائل ( .. هل يوزع مناصفة أم .... إلخ .
جوابه أنه ما كان من المال إرثا وزع بين الذكر والأنثى على القسمة الشرعية، فإن كانا ابنا وبنتا فللذكر مثل حظ الأنثيين، وما كان من المال هبة من الجدة فيوزع بينهما على حسب نية الواهب .
والله أعلم.