صلوا أرحامكم وقابلوا إساءتهم بالإحسان ابتغاء مرضاة الله

0 343

السؤال

إن عائلتي يكرهون الأقارب على قولهم لأنهم أساؤوا لهم, وبالفعل أحيانا أصدم بفعل الأقارب, وأنا وأهلي منبوذون فما الحل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد جاءت الشريعة المطهرة بكل ما من شأنه أن ينشر روح الحب والمودة والإخاء بين عموم المسلمين حتى يصيروا كالجسد الواحد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ترى المؤمنين فى تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضوا تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى. متفق عليه واللفظ للبخاري.

وأمرتهم أن يبتعدوا كل البعد عما يوجب التفرقة والتباغض والتناحر بينهم، قال رسول الله: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا. متفق عليه واللفظ لمسلم.

ويتاكد أمر الحب والوئام بين من تجمعهم صلات خاصة كالرحم والمصاهرة ونحو ذلك، فإن أمر الرحم عظيم وقطعها مما يوجب لعنة علام الغيوب جل وعلا، قال سبحانه: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم {محمد:23,22}، وعن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم، فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك، قالت: بلى، قال: فذاك لك... ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرءوا إن شئتم (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم* أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم*  أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها). متفق عليه واللفظ لمسلم.

فعليك أيتها السائلة أن تحرصي أيما حرص على صلة أرحامك ومودتهم، وأما قولك إن الأقارب يسيئون فليس هذا مبررا لقطع الرحم؛ لأن الصلة الحقيقية التي يريدها الله سبحانه هي ما كانت في مثل هذه الأحوال، وإلا فلو كانت جميع الأطراف متآلفة مجتمعة لما كان هذا من الصلة بل كان من المكافأة، روى البخاري وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.

 

أما الصلة الحقيقية فهي أن تقابل إساءتهم بالإحسان، وجهلهم بالحلم، ومنعهم بالعطاء، وظلمهم بالعفو، محتسبا في ذلك الأجر والمثوبة من الله سبحانه، أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. قال الإمام النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: ومعناه كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الألم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن، بل ينالهم الإثم العظيم في قطيعته وإدخالهم الأذى عليه.

وقيل: معناه إنك بالإحسان إليهم تخزيهم وتحقرهم في أنفسهم لكثرة إحسانك وقبيح فعلهم من الخزي والحقارة عند أنفسهم كمن يسف المل. وقيل: ذلك الذي يأكلونه من إحسانك كالمل يحرق أحشاءهم. والله أعلم. انتهى.

 

وفقنا الله وإيك إلى مرضاته. وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31380، 35584، 54119.

 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة