السؤال
سؤالي: هو الرجاء منكم المساعدة لأني في حيرة من أمري وأنا بين نارين؟ أنا متزوجة ولي ثلاثة أطفال-ولدان وبنت- وصار خلاف بين زوجي وأهلي وهما منقطعان عن بعض، ولقد أمرني زوجي بأن لا آخذ الولدين لبيت والدي، أما البنت آخذها معي وهذا الشيء سبب الحزن لوالدي، وأنا محتارة مابين طاعة الزوج ورضا الوالدين، وللعلم أني تكلمت مع زوجي لهذا الموضوع فلم يستجب لي، وكل مرة يقول لي لا أريدك أن تفتحي لي هذا الموضوع، وسؤالي هو: ما الذي أفعله بين طاعة الزوج ورضا الوالدين، وهل أعامل أهله مثل ما هو يعامل أهلي والأهم من ذلك هو من أطيع الأب أم الزوج؟ أرجو منكم المساعدة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فصلة الأرحام واجبة، وقطعها حرام؛ لقوله تعالى: واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام {النساء:1}.
ولذا فلا يجوز لزوجك أن يمنع أولاده من زيارة أجدادهم لغير مسوغ يستدعي ذلك بل لمجرد أنه على خلاف مع أهلك؛ فينشئهم بذلك على القطيعة ويربيهم على العقوق, وهو بذلك ظالم لأن لوالديك حق في رؤية أحفادهم وهو يمنعهم ذلك الحق، فالذي ننصحك به هو أن تحاولي أولا أن تعملي على إزالة الخلافات بينه وبين أهلك والتي أدت إلى هذا الجفاء والتشاحن؛ لأن فساد ذات البين هي الحالقة كما سماها رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة, لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين.
ثم عليك أن تذكريه بالله, وأنه لا يحق له أن يمنع والديك من رؤية أحفادهما فهذا ظلم لا يجوز, فإن استجاب لك وإلا فيمكنك أن توسطي أهل الخير ممن لهم وجاهة عند زوجك ليذكروه بالله ويردوه عن التمادي فيما يريد, فإن استجاب وإلا فلك أن تمكني والديك من رؤية أولادك دون علمه لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، اللهم إلا أن تخشي أن يعلم بذلك ويتسبب ذلك في حدوث طلاق، فالأولى في هذه الحالة طاعته والاستجابة لأمره حفاظا على الأسرة في غير معصية، مع الدعاء أن يغير الله الأحوال ويذهب ما في النفوس من تشاحن وبغضاء, ومع الاعتذار لوالديك عما يحدث ومحاولة تسليتهما، وسيتحمل الزوج أثر فعله أمام الله سبحانه.
أما بخصوص سؤالك عمن هو أولى بالطاعة الزوج أم الوالدان؟ فنقول: بل الزوج أولى بالطاعة لأن له من الحقوق ما ليس لغيره. روى الترمذي والنسائي وغيرهما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. صححه الألباني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت، كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى.
وقال أيضا: فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه، سواء أمرها أبوها، أو أمها، أو غير أبويها، باتفاق الأئمة. انتهى.
واعلمي أيتها السائلة أنه لا يجوز لك أن تمنعي أولادك من زيارة أهل زوجك ردا على معاملة زوجك لأهلك, لما في ذلك من معصية لله, وإغضاب لزوجك, وقطع للرحم, ولأن عدوان أحد الزوجين على حق الآخر لا يبرر مقابلة ذلك بالمثل؛ بل لا بد للإنسان أن يلتزم التقوى, والكل مسؤول عن عمله أمام الله.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60701، 55801، 16726.
والله أعلم.