مسائل في التوبة وقبولها

0 254

السؤال

يا شيخ لقد كنت في السابق من أهلي المعاصي وأنا لا أجاهر بمعصية والله يشهد و لكن بحاجة إلى مرشد،
لم أكن من المصلين و قد زنيت مرتين و شربت الخمر مرة و فعلت الكثير من الفواحش والمحرمات من سرقة و غيرها.
ثم خرجت من البلد التي كنت فيها فألقى جل و علا نور الهداية في قلبي وبدأت في تغير جذري لحياتي وقد مضى على التزامي بالصلاة والمساجد ما يقارب السنة و الثلاثة شهور والله يا شيخ بدأت أغير حياتي كلها وقد أكرمني الله جل في علاه أن حفظت كتابه الحكيم في عشرة شهور وقد قطعت كل علاقاتي السابقة و تركت رفقة السوء وأبدلني الله عنها ببطانة خير تؤزني إلى الخير ولكن عندي بعض المشاكل يا شيخ و أتمنى من الله أن أجد ضالتي في جعبتك :
1- أستشعر دائما أن توبتي ليست صادقه وأجددها كثيرا لكن لازلت أعاني من هذه المشكلة وقد سمعت أن رضى العبد عن توبته هو إشعار من الله برضاه جل وعلا عن توبة عبده فما الحل يا شيخنا ؟
2- قد سمعت أن من ذاق خمر الدنيا حرم خمر الآخرة وأن من زنا في الدنيا حرم الحور العين في الآخرة فهل أنا في جملة المحرومين ؟
3- سألت بعض أهل العلم فأشاروا علي بتعويض ما فاتني من صلاة و صيام؟ فكيف ذلك و أنا لا أعلم عدد ما فاتني من صيام و صلاة؟ و الأمر فيه من المشقة الكثير ؟.
4- علي بعض الديون و لا أستطيع تحديدها و لا إرجاعها إلى أصحابها فما الحل هنا ؟
5- يا شيخ هل نحاسب على ما يجول في خاطرنا، أنا صاحب قلب ضعيف أضعف أمام النساء و كثيرا ما أفكر وأصارع نفسي كي أمحو ذاكرتي عانيت كثيرا وحاليا أجتهد لكي أتزوج فهل أحاسب على ما أفكر فيه ؟
قد أطلت يا شيخ وأرجو منك الإجابة على هذه الاستفسارت و أتمنى دعاءك لي بالمغفرة والثبات والشهادة
بارك الله في حسناتكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

 فنهنئك على ما من الله تعالى به عليك من نعمة الهداية إلى الصراط المستقيم ونسأله سبحانه لنا ولك المغفرة والثبات ونيل الشهادة.

ونجمل جواب ما أوردت من أسئلة في عدة نقاط وهي:

النقطة الأولى: أن أهل العلم قد ذكروا أن توبة العبد تسبقها توبة من الله عليه يوفقه بسببها إلى التوبة مستدلين على ذلك بقول الله تعالى: ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم {التوبة: 118}.

وللتوبة شروط فإذا استوفى العبد هذه الشروط كانت توبته خالصة، وومن تاب تاب الله عليه، فلا يلتفت التائب بصدق إلى شيء من الوساوس بهذا الخصوص لئلا يقع في اليأس من رحمة الله تعالى. وراجع الفتوى رقم: 5450، وهي في شروط التوبة. ويتبين لك من خلالها أن من شروط التوبة إرجاع الحقوق إلى أصحابها، ولا تسقط عنه هذه الحقوق إلا إذا أسقطها عنه أصحابها، فتبقى دينا في ذمته، وإن لم يتيسر له معرفة أصحاب هذه الحقوق أو معرفة ورثتهم إذا كانوا قد ماتوا أنفقها بنية الصدقة عن أصحابها إن كانوا مسلمين، وبنية التخلص من المال الحرام إن كانوا غير مسلمين. وانظر الفتوى رقم: 28159.

 وما جهل قدره من المال فعليه أن يجتهد في تحديد قدره وأن يخرج منه ما تبرأ به ذمته.

 النقطة الثانية : سبق أن بينا بالفتوى رقم: 281 أن من تاب من شرب الخمر في الدنيا لم تلحقه نصوص الوعيد الواردة في حق شارب الخمر في الآخرة ،. وبينا بالفتوى رقم: 25571، أنه لا يحرم الزاني الزواج من الحور العين فراجع الفتويين المشار إليهما.

النقطة الثالثة : أن من أهل العلم من ذهب إلى القول بكفر تارك الصلاة، وأنه إذا تاب لا يلزمه قضاء ما فات من صلاته التي تركها أو صيامه الذي أفطره حال تركه للصلاة، وأكثر العلماء على عدم كفره وأنه يلزمه قضاء تلك الصلاة وذلك الصيام، وهذا هو الأحوط، وإذا جهل المرء عدد الصلوات التي تركها وعدد الأيام التي أفطرها تحرى وقضى من ذلك ما يغلب على ظنه أنه تبرأ به ذمته. وانظر الفتوى رقم: 12700. ولا يلزم القضاء دفعة واحدة، بل يفعل من ذلك ما يتيسر من غير أن يشق على نفسه في ذلك.

النقطة الرابعة: أن المرء لا يحاسب على مجرد ما يخطر على قلبه من خواطر تتعلق بالمعصية ما لم يترتب على ذلك عمل كما هو مبين بالفتويين: 12544، 20456 ، وعلى المرء مدافعة مثل هذه الخواطر لئلا يقوده الشيطان من خلالها إلى ما لا يرضي الله تعالى ، ومدافعة مثل هذه الخواطر من علامات الإيمان. وننصحك بالمبادرة إلى الزواج قدر الإمكان، وإذا لم يتيسر لك ذلك فعليك بالصيام ، وراجع الفتوى رقم: 110028.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات