السؤال
ما حكم من دخل دار فسق-ملهى ليلي- لغرض تحدي شهوته الجنسية و لم يمارس الفاحشة ولم يشرب الخمر؟
ما حكم من دخل دار فسق-ملهى ليلي- لغرض تحدي شهوته الجنسية و لم يمارس الفاحشة ولم يشرب الخمر؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: ففعله هذا لا يجوز وهو من تسويل الشيطان له حتى يوقعه في المعصية, فإن الله جلت حكمته إذا حرم الشيء حرم أسبابه والذرائع الموصلة إليه والداعية لفعله. يقول ابن القيم في إعلام الموقعين: لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضي إليها؛ كانت طرقها وأسبابها تابعة لها معتبرة بها، فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهتها والمنع منها بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطها بها. انتهى.
جاء في فيض القدير: ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر وإن لم يشرب معهم لأنه تقرير على المنكر. انتهى.
وقد قال سبحانه: وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا {النساء : 140}.
قال القرطبي رحمه الله عند تفسيره لقوله تعالى : إنكم إذا مثلهم : فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم، والرضا بالكفر كفر؛ قال الله عز وجل: إنكم إذا مثلهم. فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها؛ فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية. وقد روي عن عمر بن عبدالعزيز رضى الله عنه أنه أخذ قوما يشربون الخمر، فقيل له عن أحد الحاضرين: إنه صائم، فحمل عليه الأدب وقرأ هذه الآية إنكم إذا مثلهم أي أن الرضا بالمعصية معصية؛ ولهذا يؤاخذ الفاعل والراضي بعقوبة المعاصي حتى يهلكوا بأجمعهم. وهذه المماثلة ليست في جميع الصفات ، ولكنه إلزام شبه بحكم الظاهر من المقارنة. انتهى.
والله أعلم.