أحسن العمل والظن بربك، ولا تأمن مكر الله

0 221

السؤال

لقد قرأت حديث النبي صلى الله عليه وسلم بأن هناك أناس تأتي يوم القيامة بأمثال الجبال حسنات ثم يجعلها الله هباء منثورا؛ لأنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها.. وسؤالي هو هل معنى ذلك أن المرء كلما عمل عملا صالحا ثم بعده عصى الله في الخلوة، فإن هذا الذنب يذهب بثواب الحسنة التي عملها، وهل إذا عاش حياته يعمل الحسنات ثم يعمل بعدها ذنوب في خلواته، ثم تاب توبة نصوحا عن ذلك، هل يكون له ثواب الأعمال الصالحة الفائتة؟ أم تكون ذنوب الخلوات قد ذهبت بها، أرجو التفضل علينا بالإجابة في أسرع وقت بما فتح الله عليكم من علم؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الحديث الذي أشرت إليه حديث صحيح، رواه ابن ماجه من حديث ثوبان مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه الوعيد الشديد لمن يخشى الناس، ويجعل الله أهون الناظرين إليه... ولكن هذا الحديث مع ما يشتمل عليه من وعيد شديد وتهديد أكيد - ليس هو النص الوحيد المتعلق بأهل المعاصي - فإن نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة متضافرة على ما يرغب العاصي في التوبة، وأنه إذا تاب توبة نصوحا كان كمن لا ذنب له، بل إن الله يبدل سيئاته حسنات، كما أن في السنة الصحيحة أذكارا من قالها غفر له (جميع ذنوبه) ولو كانت كزبد البحر، وفيها الترغيب في أعمال من أداها بشروطها عاد من ذنوبه كيوم ولدته أمه.

إذا نصوص الكتاب والسنة تشتمل على الوعيد والترهيب كما تشتمل على الوعد والترغيب، والمؤمن متعبد بهما جميعا، بحيث يكون العبد في عبادته لربه بين الخوف والرجاء، الخوف من حبوط عمله وعدم قبوله، والرجاء في قبوله والإثابة عليه، فيؤدي العبادة مستوفيا شروط قبولها من الإخلاص لله والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، ثم يحافظ عليها بالحذر من التلبس بأسباب حبوطها وردها، والتي منها الحديث موضوع السؤال...

والخلاصة: أن أهل السنة والجماعة يتعاملون مع نصوص الوحي جملة، ولا يجتزئون بعضها، فلا يقصرون النظر إلى نصوص الوعيد فيقتلهم الخوف ويؤول بهم الحال إلى اليأس والقنوط من رحمة رب العالمين، وكذلك لا يتعلقون بنصوص الوعد فيحسنون الظن بأنفسهم ويسيئون العمل ويقولون: سيغفر لنا!..

والذي ننصحك به أن تحسن العمل الذي يرضي الله عنك، وتحسن الظن به، وفي نفس الوقت لا تأمن مكره سبحانه وتعالى، كما ننصحك بطلب العلم الشرعي النافع على أهله، فهو أعظم وسيلة تحفظك من الضلال والشكوك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات