حرص الابن على تحسين علاقته بأمه وأبيه

0 261

السؤال

فضيلة الشيخ الكريم: أتمنى أن تكونوا مأجورين على عملكم الخيري هذا، وإن شاء الله من الفائزين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.أنا شاب أقبل على العشرينيات من عمري، قاطن حاليا بألمانيا، مجيئي إليها كان قبل سنتين مضتا، وذلك عن طريق التجمع العائلي، كون أبي قاطنا بألمانيا منذ سنوات عدة. المهم، لظروف قانونية وخشية أن أكمل السنة 18 في بلدي الأم، لأن ذلك يجعل دخولي لألمانيا أمرا صعبا، جاء بي أبي وترك الأهل حتى يلحقوا بي في أقرب وقت.لكن قدر الله وما شاء فعل، عندما طلبنا التأشيرة للأهل تم رفضها؛ لأن قانون اللغة كان عائقا كبيرا حال دون التحاق الأهل بنا، لأن والدتي تاج رأسي أمية، فالحصول على شهادة للغة الألمانية بات أمرا صعب المنال. وخوفا على مرور الوقت على أختي، كان الحال أن أبي أدخلها. وبقيت نور عيني في البلد بأمل أن تلتحق بنا، ونحن نبذل كل ما في وسعنا الآن لكي يتم الأمر قريبا بحول الله. خلاصة الكلام، مشكلتي أنا والتي تكمن أني أجد صعوبة في التعامل مع أبي، شخصيته صعبة جدا ومستحيل التعامل معها، حتى أني لم أر لحد الآن شخصا مثله. فسرت هذا الوضع كوني عشت أكثر مما يزيد عن 17 سنة مع أعمامي وأجدادي و... و... فكان أبي يجيئ إلينا في العطلة الصيفية فقط. كنت مفتقدا له كما أن قلبي كان يرفرف عندما أسمع أنه يهاتف أو سيزورنا عما قريب بسبب البعد، تكون لدي إحساس عند الكبر وهو أني لا أستطيع أن أجالسه أو أحاكيه، وهو كذلك فكل شيء بيننا إما بطريقة غير مباشرة أو يزجرني عندما يحدثني، حتى ولو في أبسط الأمور أو أسئلة، وهذا الإحساس يتفاقم يوما بعد يوم. حتى أنه لما يكون في البيت لا أبرح غرفتي حتى يخرج. أنا لا أقول إنه يكرهني لا، حاشا لله، لكن البعد عن بعضنا ولد أحاسيس غريبة، أنا شاب حساس أكثر من القياس، ولا أتحمل منه هذه المعاملة، إضافة إلى ذلك لا يقيمني أبدا في البيت ولا يعبرني أمام أختي، يصغرني دائما ولا يتكل علي في أمر من الأمور، وزيادة على ذلك أضطر في بعض الأحيان أن أسأل الناس على المستجدات عند أبي، وضع لا يوصف... وهذه الشهادات ليست مني فقط، بل من العائلة نفسها ومن أصدقائه المقربين... أكاد أنفجر والله بالرغم أني ورب العزة لا أقدم على شيء يغضبه أويغضب خالقي، ومتدين أشد التدين، وأمير لفرقة إنشادية ومتفوق في دراستي، وأصلي بالناس من الحين إلى الآخر ... وهذا الذي يزعجني، الكل يشهد لي بالنباهة ويثنون علي لكن أبي الوحيد الذي لا يقيمني، وأحس أنه دائما يراقبني عندما أقبل على أي عمل في البيت، كأنه ينتظر أن أقدم على خطأ ليوبخني بكلام يقطع الأوصال. الذي يصبرني هو وصايا ربي جل شأنه بطاعته والإحسان إليه، فأريد من حضرتكم نفعي بما أنعم عليكم الله به من علمه. بشأن غياب أمي التي أصبرها دائما وأمنيها أنها بقدرة واحد أحد ستلتحق بنا عما قريب. وبشأن والدي الذي لا أستطيع تحمل معاملته لي وكأني غريب عنه؟ هذا، والصلاة والسلام على سيد الخلق، وعذرا على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكرته من حال أبيك ليس أمامك من خيار سوى الصبر على أذاه، والمداومة على طاعته وبره والإحسان إليه، فهو باب مفتوح لك إلى الجنة فاحذر أن تضيعه، قال صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه الترمذي، وصححه الألباني. وقال عليه الصلاة والسلام: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي وصححه الألباني.

ثم حاول جاهدا بلطف وحكمة أن تقترب منه، وأن تتودد إليه، وأن تشاركه الرأي، وتستشيره في صغير أمورك وكبيرها، ولا بأس أن تهدي له بعض الهدايا، ولو كانت رمزية بسيطة، فكل هذا له أكبر الأثر في إزالة الحواجز النفسية وتأليف القلوب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. حسنه الألباني.

أما بخصوص أمك فداوم على اتصالك بها وطمأنتها وتسليتها، واحرص دائما على أن يبلغها منك ما يدخل عليها الفرح والسرور، وأعظم ذلك أن ترى علاقتك بأبيك طيبة لا تشوبها شائبة.

ويمكنك أن تراسل ركن الاستشارات بموقعنا فستجد عندهم ما يعينك على التعامل مع  والدك.

وراجع في ذلك كله الفتاوى رقم: 102322، 114460، 51928. وراجع حكم الأناشيد الإسلامية في الفتاوى رقم: 2351، 71440 ، 61513، 4368. وراجع في حكم الإقامة ببلاد الكفار الفتوى رقم: 118628.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة