أمور تعين على الخشوع والثبات عليه

0 687

السؤال

الحمد الله أواظب على الصلاة في المسجد، وقراءة القرآن، والدعاء، ولكن تأتيني أيام لا أستطيع فيها الخشوع، وأجاهد نفسي في هذه الأيام لكي أخشع في صلاتي لله، وهذه الحالة تأتيني على فترات، ولا أعلم ما السبب، وفى أيام أخرى يمن علي الله سبحانه وتعالى بالخشوع حتى تفيض عيني بمائها في قراءة وسماع القرآن، والحمد الله لا أخشى إلا الله، ولا أصلى لله كي يراني أحد، أو أنافق أحدا ولا رياء من أحد والله أفعل ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى عز وجل والله يعلم هذا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: 

 فمن الجميل أخي الكريم ما ذكرته من صلاتك في المسجد، والدعاء وغيرها من علامات الإيمان، وينبغي أن تعلم أنه ما من قلب إلا ويتعرض لبعض الفتور، وبعض ما يغشاه ويعلوه مما يصيبه الإنسان من بعض الذنوب، أو التوسع في المباحات، أو الغفلة  ونحو ذلك من الأسباب التي تؤثر في خشوع القلب، ولا يسلم أحد من المؤمنين من هذا، حتى خير القرون عوتبوا من الله فعن ابن مسعود قال: ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية: ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله. إلا أربع سنين. رواه مسلم.

وينبغي للمؤمن أن يحزن على حاله ويحاول جاهدا تحصيل الخشوع ولين القلب، والبحث عن الأمور التي تعينه على الخشوع والثبات عليه. ومن هذه الأمور:

1- معرفة فضل وثواب الخشوع وما أعد الله لأهله في جنات النعيم، فمعرفة الثواب تعين على تحصيل العمل، ومن ذلك قول الله عز وجل:  قد أفلح المؤمنون* الذين هم في صلاتهم خاشعون ......أولئك هم الوارثون* الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون. {المؤمنون:1-11) .

 فالخشوع في الصلاة هو أول صفات المؤمنين، وثمرته هي الفلاح، وأصحابه من الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون.

2- الاستعاذة بالله من عدم خشوع القلب، وفي الحديث الصحيح عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذه الدعوات: اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ودعاء لا يسمع، ونفس لا تشبع. ثم يقول: اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع. رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني.

3- أن تطعم المسكين وتمسح رأس اليتيم، فعن أبي هريرة أن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال له: إن أردت تليين قلبك فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم. رواه أحمد وحسنه الشيخ الألباني.

4- إذا أحدثت ذنبا فسارع بالتوبة: فآثار الذنوب هي التي تغطي القلب وتجعله قاسيا وتذهب خشوعه وجلاء ذلك التوبة، ومما يدل على ذلك حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه وهو الران الذي ذكر الله : كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون. رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وقال:حديث حسن صحيح، وحسنه الألباني.

5- الإكثار من الاستغفار: فعن الأغر المزني وكانت له صحبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة. رواه مسلم.

قال النووي في شرحه: الغين والغيم بمعنى, والمراد هنا: ما يتغشى القلب. انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى:

 والغين حجاب رقيق أرق من الغيم فأخبر أنه يستغفر الله استغفارا يزيل الغين عن القلب فلا يصير نكتة سوداء، كما أن النكتة السوداء إذا أزيلت لا تصير رينا. انتهى.

6- الدعاء : فعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه. رواه مسلم.

7- كثرة ذكر الموت وزيارة القبور: فعن أنس بن مالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت نهيتكم عن زيارة القبور ثم بدا لي أنها ترق القلب، وتدمع العين، وتذكر الآخرة. فزوروها ولا تقولوا هجر.ا رواه أحمد وصححه الألباني.

ونوصي السائل بمراجعة رسالة: أمراض القلوب وشفاؤها. لابن تيمية رحمه الله، وراجع : فصل في منازل إياك نعبد التي ينتقل فيها القلب منزلة منزلة في حال سيره إلى الله في: مدارج السالكين لابن القيم. ونسأل الله أن يرزقنا يقظة تبعدنا عن رقاد الغفلة وتحيي قلوبنا وأن يرزقنا الخشوع.

 والله أعلم.

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات