السؤال
اضطربت حياتي وفقدت اللذة والسعادة التي كنت أجدها، أنا إنسان لا تظهر علي سمات الالتزام، ولكن في الفترة الأخيرة تقريبا منذ سنة شعرت بحلاوة غريبة عند قراءتي القرآن وعند الصلاة، وعند التفكر في الجنة والنار. والآن ومنذ أسبوع تقريبا راودتني عدة شكوك حول وجود الله وغيره، ولكن أستطيع أن أتغلب على مثل هذا الشعور، فهذا ليس بسؤالي، ولكن سؤالي هو حول آيات من سورة يس تروادني الشكوك حولها كل ثانية من حياتي وهذه الآية هي (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر) فكيف يمكن للشمس أن تدرك القمر وهي أكبر منه بملايين المرات، وطريقة جريان الشمس وفلكها يختلف عن فلك القمر القريب من الأرض، فلن أستطيع أن أتخيل كيف يمكن للشمس أن تصطدم بالقمر لأن ذلك يحتم أيضا اصطدامها بعطارد والكواكب القريب بالإضافة إلى الأرض، فالاصطدام يخيل لي أن الشمس بحجم القمر ويسير بفلك قريب من فلك القرب حول الارض فيكون الاصطدام ممكنا، ولكن الوضع بعد الاكتشافات العلمية الجديد غير ذلك.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهنيئا لك بما أنعم الله به عليك من لذة العبادة والشعور بحلاوتها، ونسأل الله أن يديم عليك ذلك.
واعلم أن هذه الشكوك التي تراودك قد تكون دليل إيمان مادمت كارها لها. فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به قال : "وقد وجدتموه؟" قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان. أي ما تجدونه من كراهية هذه الأفكار هو صريح الإيمان. لكن عليك أن تدفع تلك الشكوك عن نفسك ولا تسترسل معها، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم لئلا يكون له عليك سبيل. وراجع لمزيد الفائدة هاتين الفتويين: 22279، 117216.
أما الآية التي سألت عنها فليس فيها ما يستدعي إثارة الشك؛ فإنها لا تدل على إمكان اصطدام الشمس بالقمر، بل تنفيه؛ لأنها إذا نفت إدراك الشمس للقمر، فإنها تنفي إمكان اصطدامها به من باب أولى. وهذا ما فسره العلم الحديث، بأن لكل من الشمس والقمر مسارا مستقلا، وهما مساران متباعدان لا مجال لالتقائهما، فحركة الأجرام في الفضاء الهائل أشبه بحركة السفن في الخضم الفسيح، فهي في ضخامتها لا تزيد على أن تكون نقطا سابحة في ذلك الفضاء المرهوب...
أما قولك بأن الاصطدام يخيل لك أن الشمس بحجم القمر وتسير بفلك قريب من فلك القرب حول الأرض، فهذا فهمك أنت، وقد يكون هذا فهم كثير من الناس في الماضي أيضا، إلا أن الآية لا تدل عليه من قريب ولا بعيد، وعلى ذلك فلا تعارض بين ظاهر الآية وبين الاكتشافات العلمية الجديدة. بل هي برهان على أن هذا القرآن من عند الله تعالى، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 39301.
والله أعلم.