السؤال
شيخي الفاضل: أنا تزوجت منذ أشهر قليلة وأسكن في سكن مستقل أنا وزوجتي، ومشكلتنا أن أهل زوجتي يتدخلون في كل شيء بمعنى الكلمة، فهم يريدونها أن تواجه الرجال وأهلها من غير المحارم وتجلس معهم، ويطلبون منها نزع حجابها في الأماكن العامة كالأسواق والمطاعم المختلطة حتى تتمكن من الأكل والشرب، ويريدون حتى حضور الافراح التي يدخل العريس فيها إلى قاعة النساء وهي بحجابها، كما هو معروف حديثا ـ بالزفة ـ ويطلبون منها أن تلبس ملابس غير ساترة لجسدها وأن تلبس العباءة المطرزة وغيرها الكثير، وكل هذا يتعارض مع ما أمر الله عز وجل به، وغيرتي عليها، يا شيخي الفاضل، سؤالي هو: هل هنا تجب على زوجتي طاعة أهلها أم طاعة زوجها في مثل هذه الحالات؟ وهل تعتبر طاعة أهلها عصيانا لزوجها؟ أم تعتبر طاعة زوجها عصيانا لأهلها؟ وما هو المطلوب منا جميعا؟ وجزيتم خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمطلوب منكم جميعا -على سبيل الإجمال- أن تتقوا الله سبحانه حق تقاته، وأن تقفوا عند حدوده وتلتزموا أوامره سبحانه، والواجب على أهل زوجتك خصوصا أن يكفوا عما يطلبونه من ابنتهم مما ينافي الدين والخلق والعفة، فإن من يطلب من ابنته أن تخلع حجابها أمام الأجانب، وأن تواجه الرجال هكذا متبرجة حاسرة في منتدياتهم وأسواقهم، لا شك أنه يأمر بالفحشاء والمنكر والبغي، ولا يجوز لزوجتك طاعتهم في ذلك أبدا، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا تعد مخالفة الوالدين في هذا من العقوق قطعا، ولتعلم الزوجة أنها إذا تزوجت فقد صار زوجها أملك بها من أهلها جميعا، وحقه عليها أعظم من حقهم وطاعتها له أوجب من طاعتها لهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى.
وإنا لنوصيك بزوجتك خيرا، ونحذرك من تضييع حقوقها، واعلم أن من أعظم حقوقها عليك أن تحفظ لها دينها وأخلاقها، وألا تسلمها إلى من يفسدها، قال الله سبحانه: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا {التحريم:6}.
قال القرطبي ـ رحمه الله: فعلى الرجل أن يصلح نفسه بالطاعة، ويصلح أهله إصلاح الراعي للرعية. انتهى. وقال صلى الله عليه وسلم: ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم. الحديث رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.