هل يحاسب العاصي بعد توبته على ما سلف من ذنوبه

0 376

السؤال

منذ فترة، وبالتحديد عند ما رزقت بطفل وأنا أعاني من حالات خوف وهلع من الموت لدرجة لا أستطيع أن أصفها، بدأت أهمل طفلي وعائلتي وأصبح كل تفكيري عند الله سبحانه وتعالى وعذاب الآخرة، مع العلم أنني أصبحت أواظب على الصلاة في أوقاتها وأصلحت كثيرا من نفسي، وتبت إلى الله توبة نصوحة. والله أعلم بحالي الآن.
سؤالي: هل يحاسب العاصي التائب على أعماله؟ ولو ارتكب الكبائر والعياذ بالله فيما مضى هل يحاسب في الآخرة بعد توبته على ما فعل في الماضي؟ أفيدوني أفادكم الله لأنني لا أنام من الخوف وفي كل ليلة أدعو الله أن يغفر لي ويعفو عني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن التوبة النصوح تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. فقد قال الله تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات. {الشورى:25}.

 وقال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم { الزمر:53}.

ولذلك فإن العاصي مهما عظمت ذنوبه وكثرت سيئاته إذا تاب منها توبة نصوحا فلن يحاسب عليها بعد التوبة، بل تبدل سيئاته حسنات بفضل الله تعالى وكرمه.

 كما قال سبحانه وتعالى: والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما*يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا*إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما.{الفرقان:70،69،68}.      

ولتعلم أن ذكر الموت والخوف منه باعتدال يعتبر ظاهرة صحية فهو  دأب الصالحين ووصية النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: أكثروا ذكر هازم اللذات الموت. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.

ولكن لا يجوز أن يصل ذكر الموت والخوف منه بالمسلم إلى حد اليأس والقنوط من رحمة الله، أو الانشغال به عن عمل الصالحات وإهمال ما عليه من الحقوق والواجبات وما أمر به من عمارة الأرض والاستخلاف فيها.. فالمؤمن الحق هو الذي يجمع بين الخوف والرجاء، ويحذر العقاب ويرجو الثواب، ويخاف الآخرة ويستعد لها كما كان السلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم.

فعليك أن تعتمد على الله تعالى وتبشر بالخير، ولتحمد الله على ما وفقك له من التوبة والدعاء والمواظبة على أداء الصلاة في أوقاتها مع الجماعة فإن الندم توبة والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 104070، 111338، 35144.

 والله أعلم.

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات