السؤال
أنا صاحب فتوى 140404 الذي هددني أخبر الناس، والطلاب تركوا الدراسة عندي وإذا ذهبت إلى المسجد نظروني بنظارات فتركت إمامة المسجد، والله إني حزين حزنا شديدا تمنيت أني لم أخلق تمنيت أن أخلق من جديد أنا أعرف أن كل قضاء الله عز وجل كله خير لكن لا أعرف الخيرة بما صار بي وأنا صغير وفضحي وأنا كبير؟ دعوت عليه ليلا ونهار وفي أوقات الإجابة لم يحصل شيء ممكن دعائي ليس بحق عليه لكن الحمد لله أنها فقط أصبحت مقدمات اللواط وليست لواط.
السؤال: ما الحل برأيكم أريد إرشادات ونصائح منكم لما حصل علما أني تركت طلب العلم لأن الله عز وجل لا يرد بي خيرا لو كان يريد بي خيرا قضى لي بفعل المعصية وأنا وصغير.
أرجو الرد سريعا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالله تبارك وتعالى إنما خلقنا ليمتحننا، وليس للممتحن أن يتخير كيف يمتحن، ولا يظهر معدن العبد إلا بهذا، ويمكن للسائل أن يراجع تفصيل ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 131252، 5492، 114255. وفي بيان أن الدنيا دار ابتلاء ومحنة في الفتويين: 61244، 23586.
والمقصود أن رد فعل السائل على بلواه لا يتناسب مع علم العبد أنه مبتلى وممتحن، وأن الله تعالى حكيم رحيم في قضائه وقدره، حيث ظهر منه الجزع وقلة الصبر وسوء ظنه بالله تعالى !! وذلك بتركه تعلم العلم، واستبطاء إجابة دعائه، وحكمه على الله تعالى بأنه لم يرد به خيرا، وراجع الفتوى رقم: 140650.
والحل برأينا يبدأ من إعادة نظر السائل في حال نفسه، فينأى بها عن حال من قال الله تعالى في حقهم: ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين. {الحج: 11}. وقال: ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله. {العنكبوت: 10}. وليتدبر السائل مطلع السورة الكريم حيث يقول الله عز وجل: أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين * أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون * من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم * ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين. {العنكبوت: 2-6}.
ثم ليعلم السائل أن العبد قد تكون به بعض الآفات الباطنة وهو لا يعلم، فإذا أصابه شيء من مثل هذه الابتلاءات ظهرت حقيقته أمام نفسه، وأدرك ما يجب أن يدركه من عيوبها، فإن كان ناصحا لها، مريدا لنجاتها، بادر وسارع إلى علاج تلك العيوب، ومن ذلك سوء الخلق مع الله تعالى، فإن ضابط حسن الخلق مع الله تعالى كما بينه الحافظ الهروي في منازل السائرين: أن تعلم أن كل ما يأتي منك يوجب عذرا، وكل ما يأتي من الحق يوجب شكرا، وأن لا ترى له من الوفاء بدا. اهـ.
ونرجو أن تراجع كلام ابن القيم رحمه الله عند شرحه لهذه المنزلة في مدارج السالكين ففيه فائدة عظيمة، خاصة لمن كان في مثل حالك.
ثم نذكر السائل بأن الاستعجال وترك الدعاء مانع من موانع الإجابة التي ينبغي أن ينتبه إليها، كما قال صلى الله عليه وسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي. رواه البخاري ومسلم.
قال ابن عبد البر: في هذا الحديث دليل على خصوص قول الله عز وجل: ادعوني أستجب لكم وأن الآية ليست على عمومها، ألا ترى أن هذه السنة الثابتة خصت منها الداعي إذا عجل. اهـ. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 123662.
وعلى أية حال، فالصبر الجميل هو مطية المؤمن في الشدة، ولا يمكن أن تطيب الحياة بدونه، ومما ييسره على السائل أن يتذكر حال أشرف الخلق وأفضلهم صلى الله عليه وسلم، وحال زوجته عائشة الصديقة وأبيها الصديق، حينما قال أهل الإفك ما قالوا من البهتان، وكيف صبروا ولم يتهموا الله في قضائه وقدره، ثم كيف صار ذلك خيرا لهم في الدنيا والآخرة، كما قال سبحانه: إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم {النور: 11}.
ثم إننا نحيل السائل على جوابنا السابق رقم: 140404. وننصحه أن يعمل بما فيه، برغم حدوث ما حدث، ونرى أنه يقدر على وضع حد لهذا الشخص فيقاضيه عند المحاكم الشرعية على الإساءة إليه وفعل ما لا يحل به، وسينال ذلك الشخص جزاء ما اقترف بحق السائل قديما وحديثا، أما العجز والخور عن الانتصار من الظلمة فليس من شيم المؤمن، قال تعالى: والذين والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون {الشورى: 40} والله تعالى هو المسئول أن يصلح من شأنك، وأن يجنبك شر نفسك، وشر الشيطان وشركه، وشر هذا المجرم اللئيم.
والله أعلم.