السؤال
حالي كحال باقي عامة الناس: لي أخطاء وأضعت سنين من عمري، وسني الآن: 28 عاما، ومنذ سنتين وأنا أحاول التخلص من الذنوب، وكثيرمنها ـ بفضل الله وكرمه ـ كنت أتركه وأنا على يقين أن الله هو من مكنني من تركها، لأنني أصبحت أظن الآن أن نفسي التي بين جنبي لا أقدر عليها إلا بما يشاء الله وأطيعه في كل شيء وسؤالي: منذ فترة أحاول أن أصلح حياتي مع الله بأن أفعل ما أمرنا به فأصبحت أصلي الصلاة جماعة إلا الظهر ثم أحاول الآن أن أجمع صلواتي كلها في المسجد حتى ألقى الله، فهل تراكم الذنوب ـ والعياذ بالله ـ يمنع تعظيم الله في القلب، مع العلم أنني أصبحت أشعر بمراقبة الله لي في كل شيء، ولكن لا أعمل أشياء في حياتي؟ وتعليمي لم أتمه حتى الآن ، مع أنني الآن أخفيه عن والدي ويظنان أنني لا زلت في الدراسة حتى لا أحزن وأمي، فأنا مع كل الذنوب والأخطاء وكل تلك الأشياء أجد نفسي في إقبال على الله، وعمري ضاع في الأخطاء والذنوب وأعلم أنني أحقر الناس لما أجد في نفسي من أشياء لا يعلمها أحد إلا الله، ومع العلم أنني أصبحت أترك معظم الذنوب، ولكن أخطائي السابقة تحاصرني، فهل ما أنا فيه ابتلاء؟ أم بما كسبت على نفسي؟ وأعلم أنا الله كريم وأنه غني وأنه قوي وأنه قادر، فهل ما أنا فيه من إقبال وإدبار، هو نفاق، أو عدم اكتمال للتوحيد والإيمان في قلبي؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر ذنبك، وأن يلهمك رشدك، وأن يكفيك شر نفسك، وأن يتوب عليك ويوفقك لما يحبه ويرضاه، ثم اعلم ـ أيها السائل ـ أن الله تعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، والذنوب مهما كثرت لا تحول بينك وبين التوبة ـ إن صدقت الله فيها ـ قال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم. { الزمر: 53 }.
وقال سبحانه: وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى. {طه: 82}.
وقال عز وجل: والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما* يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا* إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما.{ الفرقان: 70ـ69ـ 68 }.
فعليك أن تتوجه بكليتك إلى تصحيح توبتك والاستقامة عليها، وليكن تذكرك لذنوبك السالفة دافعا لك إلى الازدياد من العمل الصالح لا إلى اليأس والقنوط، فقد قال تعالى: إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين. {هود: 114}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتبع السيئة الحسنة تمحها. رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح ـ وحسنه الألباني.
وقال ـ أيضا ـ صلى الله عليه وسلم: إذا أسأت فأحسن. رواه الحاكم والبيهقي، وحسنه الألباني.
ثم اعلم أن الله تعالى قد جرت سنته بامتحان عباده ليتميز الصادق من الكاذب، كما قال تعالى: أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون* ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين. { العنكبوت: 3ـ2}.
وراجع في هذا المعنى الفتويين رقم:
117638، ورقم: 121592.
وهذا هو الذي يفسر ما أنت فيه من الإقبال والإدبار، فما هو إلا امتحان يتردد فيه العبد بين الإحسان والإساءة، والمفلح من يتبع إحسانه بإحسان، وإساءته باستغفار واستدراك، وقد سبق لنا بيان عوامل الفتور وكيفية علاجه، وبيان وسائل تقوية الإيمان وتحقيق الاستقامة، وذكر نصائح لاجتناب المعاصي وبيان شروط التوبة وبيان الأسباب المعينة على التخلص من غواية الشيطان، في الفتاوى التالية أرقامها: 17666 10800، 1208، 5450، 33860.
والله أعلم.