السؤال
فقدت ابني في حادث مرور، كان يلعب وفي لحظات مات أمام عيني، وعمره 8 سنوات، كان يصلي وكان يخافني ويطيعني، وكنت حازمة معه كثيرا، حرمته من أشياء، لأنني كنت أراه ما زال صغيرا، أجلت أشياء للعطلة، كان يريد أن يلعب الكرة وكنت أكرهها، وفي أيامه الأخيرة كان يريد أن يلعب كثيرا ويأكل كثيرا كان يريد كل شيء وكأنه يعرف أنه راحل، فماذا أفعل وأنا ألوم نفسي على كل شيء؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننصحك بالصبر والحمد والاحتساب والاسترجاع ونسأل الله أن يحسن عزاءك في الولد ويجعله فرطا وذخرا لك يأخذ بيديك إلى الجنة، فقد أعد الله سبحانه للصابرين أجرا عظيما، كما في قوله تعالى: وبشر الصابرين* الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون {البقرة:155-156-157}.
ونعزيك بما عزى به النبي صلى الله عليه وسلم ابنته لما توفي ولدها فأرسل إليها: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب. كما في الصحيحين.
وعن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيرا منها، قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم إني قلتها فأخلف الله لي خيرا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمد واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة.
وعن قرة بن إياس ـ رضي الله عنه: أن رجلا كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابن له فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تحبه؟ قال: نعم يا رسول الله أحبك الله كما أحبه، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما فعل فلان بن فلان؟ قالوا: يا رسول الله مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه: ألا تحب أن لا تأتي بابا من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك؟ فقال رجل يا رسول الله: أله خاصة أم لكلنا؟ قال: بل لكلكم. رواه أحمد وقال المنذري: رجاله رجال الصحيح.
وفي رواية النسائي قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس جلس إليه نفر من أصحابه فيهم رجل له ابن صغير يأتيه من خلف ظهره فيقعده بين يديه، فهلك فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة لذكر ابنه ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما لي لا أرى فلانا؟ قالوا: يا رسول الله بنيه الذي رأيته هلك، فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن بنيه فأخبره أنه هلك فعزاه عليه ثم قال: يا فلان أيما كان أحب إليك أن تتمتع به عمرك أو لا تأتي إلى باب من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك، قال: يا نبي الله، بل يسبقني إلى باب الجنة فيفتحها لهو أحب إلي قال: فذاك لك. والروايتان صححهما الألباني.
وروى مسلم في الصحيح عن أبي حسان قال: قلت لأبي هريرة: إنه قد مات لي ابنان فما أنت محدثي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث تطيب به أنفسنا عن موتانا، قال: نعم صغارهم دعاميص الجنة، يتلقى أحدهم أباه، أو قال أبويه فيأخذ بثوبه، أو قال بيده كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا فلا يتناهى، أو قال: فلا ينتهي حتى يدخله الله وأباه الجنة.
ولا تلومي نفسك على ما كان منك من منع لولدك من بعض مشتهياته فذاك أمر كانت تقتضيه مصلحته ولا لوم عليك فيه.
والله أعلم.