0 470

السؤال

أنا شاب في الثلاثين من عمري أسكن أنا وأسرتي مع والدي ووالدتي وإخوتي في نفس البيت، ويوجد في البيت محلات تجارية مؤجرة، ومن ضمن المحلات يوجد فتحة مطعم ملك لوالدي وأنا الذي أعمل في هذا المطعم وأدير جميع شؤونه بشكل كامل، ومقابل ذلك أعطي والدي يوميا مبلغ ألفي ريال فرضها والدي علي وفي نفس الوقت يأخذ من المطعم للبيت بعض الصرفة إن توفرت مثل الخضار وغيرها، كما أن والدي يأخذ لجدي ربع دجاجة يوميا وغداء ويأخذ ربع دجاجة مع الأرز والخبز يتصدق بها ويأخذ نصف دجاجة له أيضا يوميا، والخلاصة أن المطعم يؤخذ منه في بعض الأحيان ما يثقل كاهلي، حيث إنه في بعض الأيام يوجد عمل وبعض الأيام أصرف من الضمار، والعمل أصبح أقل وارتفعت الأسعار مما أثقل كاهلي ناهيكم عن أن فاتورة الكهرباء حق البيت كاملة أنا من يسددها هي والماء، وأشتري كل ثلاثة أيام وايت للبيت والمطعم على حسابي بمبلغ 1700 ريال وفي الحقيقة كنت في غاية الحيرة أريد ترك المطعم بيد أني لا أستطيع، لأنه ينفجر خلاف شديد بيني وبين والدي وذلك بقوله أنني لا أقدر النعمة وأنني لست إنسانا جادا في العمل وغيرها من التهم منها ما هو صدق ومنها ما هو دون ذلك، والأهم من كل ذلك أنه في أحد الأيام وكانت جمعة وبعد صلاة الجمعة تحديدا طلب أخي الأصغر مني عمره في العشرينات غداء من نصف دجاج وخبز وببسي فرفضت لما كان الحال من عمل غير متحرك وخسارة أكبر من الربح فذهب أخي إلى أبي يشكوني فجاء أبي الذي يعاني من الضغط والسكر إلي غضبانا وأخبرني أنني سوف أعطي أخي الغداء بالقوة غصبا عني مما جعلني أتوتر وأفقد صوابي، فما كان مني إلا أن رفضت وحصل شجار بيني وبين أبي ومشادة كلامية أضطر أخي الكبير وأخي الذي يصغره إلى إدخالي إلى البيت أنا وأبي وفي الداخل ارتفعت الأصوت ولا يخفى عليكم أنني كنت في غاية التوتر حيث إنني كنت أتلفظ على أبي بكلمات غير لائقة كقولي له يا ظالم وغيرها من الكلمات التي هي أشد منها، في تلك الأثناء سمعت والدتي الشجار ـ التي كانت تعاني من الضغط والسكر وكانت تحبنا وترعانا غاية الرعاية ـ لما سمعت الشجار نزلت وحاولت أن تترجى والدي أن نكف عن الشجار، ولكن دون أي جدوى فكانت وتيرة الشجار ترتفع بشكل أقوى وبشكل مخيف مما اضطر أخي الكبير إلى أن يقول لوالدتي يا أمي اطلعي فوق سوف يقتلونك فصعدت أمي مستجيبة لأخي الكبير وهي في حزن وأسى لا يكاد يوصف ولم تجد كلمات إلا أن دعت علينا قائلة: الله لا يربحكم، الله لا يرزقكم ـ وكانت تلك المرة الأولى على الإطلاق التي تدعي أمي علينا فيها، فهي لم تفعل ذلك قط طيلة حياتها ـ وما هي إلا لحظات تبعها أخي الكبير ليتفقد حالها فإذا بالفاجعة حيث فاضت روحها إلى بارئها مفارقة الحياة إثر ارتفاع ضغطها، اسودت الدنيا في عيني لم تسعني الدنيا كنت بارا بها وكنت أكثر أولادها خدمة لها، وكنت أكثر من يضحي في البيت كاملا عملا ومالا وكنت وكنت، ولكن ماذا حدث؟ ما هي الخاتمة التي حدثت لي مع والدتي؟ الآن سيدي أنا في حال يرثى له، وغير ذلك أن عملي كل يوم وهو إلى الأسوإ ولدي سؤال: هل لي من توبة؟ وما ذا ينبغي علي أن أعمل؟ وكيف يغفر الله لي؟ وجزاكم الله ثوابي الدنيا والآخرة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالوالد ـ أبا كان أو أما ـ له مكانته التي بوأه إياها الشرع، فأوجب بره والإحسان إليه، وحرم عقوقه والإساءة إليه، فلا تجوز الإساءة إليه بحال، فيجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا مما وقع منك مع أبيك وأن تطلب منه مسامحتك، فشجارك معه ورفعك صوتك عليه من أعظم العقوق وكبيرة من كبائر الذنوب، وراجع الفتوى رقم: 145413.

وقد كان الواجب عليك ـ أيضا ـ أن تكف عن هذا الشجار برا بأمك وإرضاء لها خاصة وأنك قد رأيتها تترجى أباك ليكف عن الشجار وأنك تعلم أن الشجار بينكما يؤثر على صحتها، لكن بما أنك لا تقصد الإضرار بها، فنرجو أن لا تؤاخذ بما حدث لأمك، ونوصيك بالاستمرار في برها بالدعاء والاستغفار لها ونحو ذلك من صالح الأعمال، فإن بر الوالدين باق ولو بعد موتهما، ولمعرفة كيفية ذلك راجع الفتوى رقم: 7893.

وبخصوص عدم التوفيق في أمر الرزق فقد يكون سببه دعوة أمك، وقد لا تكون هي السبب، وعلى كل فعليك بالاجتهاد وبذل الأسباب والاستعانة بالله تعالى، وانظر الفتوى رقم: 144743.

وأما أخذ الأب من مال ولده فمقيد بشروط ذكرها أهل العلم، ومن ذلك أن لا يكون في أخذها إضرار بالولد وإجحاف به، فيمكنك مطالعة الفتوى رقم 46692.

ومهما أمكن الولد مساعدة أبيه والاستجابة لطلبه والصبر عليه كان أولى وربما كان ذلك سببا في أن يفتح عليه أبواب رزقه.

وننصح الآباء بأن لا يثقلوا على أولادهم في الطلبات وينبغي التعاون والتفاهم في إطار الأسرة الواحدة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة