المقصود بتكريم الله للإنسان مع أنه من ماء مهين

0 237

السؤال

أؤمن أنه لا تعارض بين آيات كتاب الله، ولكني أريد إيضاح الأمر بالنسبة لي، قال تعالى: {ولقد وكرمنا بني آدم} وقال تعالى: {ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين}، وكذلك مكان خروج المولود للدنيا لا يعني تكريم الله له.
بارك الله فيكم

الإجابــة

الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وآله وصحبه، أما بعد:

فإن الله تعالى خلق آدم -عليه السلام- بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وجعل أصل مادته الطين -وهو يتكون من ماء وتراب، وشرفهما معلوم-، وهذا يدل على شرف بني آدم وعلو قدرهم.

وأما تناسلهم من ماء مهين -وهو القليل الضعيف الحقير-، فلا يدل على حقارتهم، لاستحالة هذا الماء ونفخ الروح في البدن ونشأته نشأة أخرى في أحسن صورة وأبهج منظر، مميزا على سائر المخلوقات بالعقل والبيان، ومسخرا له ما في الكون، وهذا هو المقصود بالتكريم المنصوص عليه في قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا {الإسراء: 70}.

قال القرطبي -رحمه الله تعالى-: وقال محمد بن جرير الطبري: ‌بتسليطهم ‌على ‌سائر ‌الخلق، وتسخير سائر الخلق لهم. وقيل: بالكلام والخط. وقيل: بالفهم والتمييز.

والصحيح الذي يعول عليه أن التفضيل إنما كان بالعقل الذي هو عمدة التكليف، وبه يعرف الله ويفهم كلامه، ويوصل إلى نعيمه وتصديق رسله، إلا أنه لما لم ينهض بكل المراد من العبد بعثت الرسل وأنزلت الكتب.

فمثال الشرع الشمس، ومثال العقل العين، فإذا فتحت وكانت سليمة رأت الشمس وأدركت تفاصيل الأشياء...

وقد جعل الله في بعض الحيوان خصالا يفضل بها ابن آدم أيضا، كجري الفرس وسمعه وإبصاره، وقوة الفيل وشجاعة الأسد وكرم الديك. وإنما التكريم والتفضيل بالعقل كما بيناه. اهـ.

وهذا يدل على أن الإنسان ليس بكامل، بل فيه نقص من جوانب أخرى، فهو يحمل العذرة بين جنبيه، والعرق تحت إبطه، والمخاط في أنفه، وهي أشياء مستقذرة.

وينعدم تكريم الإنسان حينما يلغي عقله ولا يعبد ربه، بل يعبد هواه فيصبح شرا من البهيمة، كما قال الله تعالى عن هؤلاء: أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون [الأعراف: 179].

وأما خروج الجنين من فرج أمه، فليس فيه نقص، بل هو الموضع المتعلق بالجنين من حيث الوطء والولادة وما يتبع ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات