السؤال
خالتي شقيقة أمي في حالة عداوة شديدة للعائلة، حاولنا كثيرا التقرب منها والاتصال بها إلا أنها في إحدى المرات اتصلت بأحد أقاربنا وهددت أننا في حالة متابعتنا الاتصال فسوف تتهمنا في أعراضنا وتشهر بنا في العائلة أو في بيوت أزواجنا. علما بأن خالتي على أبواب الثمانين وهي بكل تأكيد في حاجة إلى من يسأل عنها ونحن في حيرة هل نصل رحمنا على الرغم من ذلك أم نتجاهل وجودنا بناء على رغبتها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فصلة الرحم واجبة وقطعها حرام، وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بصلة الرحم حتى لمن يقطعها، فعن
عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. صحيح البخاري.
ولا شك أن الخالة من أولى الأقارب بالصلة فإن حقها عظيم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخالة بمنزلة الأم. متفق عليه.
إلا أنه إذا كانت صلة القريب تعود على الواصل بالضرر المحقق فليست واجبة حينئذ.
قال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصا على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه. فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.
لكن ننبه إلى أن الشرع لم يحدد لصلة الرحم أسلوبا معينا أو قدرا محددا وإنما المرجع في ذلك إلى العرف، فتحصل الصلة بالزيارة والاتصال والمراسلة والسلام وكل ما يعده العرف صلة.
قال القاضي عياض: وللصلة درجات بعضها أرفع من بعض وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة فمنها واجب ومنها مستحب، ولو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعا ولو قصر عما يقدر عليه، وينبغي له أن يفعله لا يسمى واصلا. نقله العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري.
وعلى ذلك فإن عليكم صلة خالتكم بالقدر والأسلوب الذي لا يعود بالضرر؛ كتفقد أحوالها والسؤال عنها وقضاء حوائجها دون علمها، وأبشروا خيرا ببركة هذه الصلة في الدنيا والآخرة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سره أن يبسط له في رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه. متفق عليه.
والله أعلم.