السؤال
أنا شاب مقبل على الزواج, أدخر من أجرة عملي المال لكي أبني شقة صغيرة فوق بيت أهلي ومن ثم أتزوج, وراتبي (معاشي ) على قدري، وغلاء المعيشة في بلدي مرتفع جدا.
سؤالي: أبي يطلب مني المال وهو يصرف على العائلة، مع العلم أنه يوجد لي إخوة يعملون ويعطونه المال, وأنا أدخر للأسباب المذكورة، مع العلم أنه يصرف المال دون إدارة وهو لا يصلي وإخوتي أيضا -هداهم الله-. هل أنا ملزم بإعطائه المال في هذه الحالة, مع العلم أني إذا بقيت أعطيه باستمرار سوف أتأخر عن تحقيق البناء والزواج لسنين عديدة . أفيدوني جزاكم الله كل خير .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن بر الوالدين و الإحسان إليهما من أوجب الواجبات ومن أفضل القربات، ومن الإحسان إليهما إذا كانوا فقراء أن ينفق عليهما أولادهما.
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. المغني لابن قدامة.
و يشترط لوجوب الإنفاق أن يجد الولد ما ينفقه زائدا عما يحتاج إليه من الضرورات، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابدأ بنفسك. رواه مسلم.
فإن كنت بحاجة للزواج بحيث تخشى على نفسك الوقوع في الحرام فادخارك لنفقات الزواج مقدم على إنفاقك على أبيك، أما إذا كنت لا تخشى الوقوع في الحرام فيجب عليك الإنفاق على أبيك بالمعروف إن كان فقيرا، مع التنبيه على أن نفقته حينئذ تجب على أولاده الموسرين جميعا.
قال ابن قدامة: وإن اجتمع ابن وبنت فالنفقة بينهما أثلاثا كالميراث، وقال أبو حنيفة: النفقة عليهما سواء لأنهما سواء في القرب ......وقال الشافعي .....: النفقة على الابن لأنه العصبة ....... ولنا قول الله تعالى : { وعلى الوارث مثل ذلك }. المغني باختصار.
وأما إذا لم يكن أبوك محتاجا للمال فالجمهور على أنه لا يجب عليك أن تعطيه، وأما الحنابلة فيرون أن للأب أن يأخذ من مال ولده ولو من غير حاجة لكن بشرط ألا يجحف بمال الولد، وألا يأخذ من مال ولده ويعطي ولدا آخر.
قال ابن قدامة: وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدمها، صغيرا كان الولد أو كبيرا بشرطين أحدهما : أن لا يجحف بالابن ولا يضر به، ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته. الثاني : أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر ... وقال أبو حنيفة و مالك و الشافعي : ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته. المغني.
لكن عليك بكل حال أن تبره وتحسن إليه بما تقدر عليه، وإذا كان أبوك لا يصلي وكذلك إخوتك فمن أعظم أنواع البر بهم والإحسان إليهم أمرهم بالمحافظة على الصلاة وتخويفهم من خطر تركها، ولمعرفة ما يعين على المحافظة على الصلاة راجع الفتوى رقم :
3830
والله أعلم.